#

تفسير قوله عز وجل: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ

تفسير قوله عز وجل ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾
قال الله تبارك وتعالى مبينًا لنا عظم معصية ترك الصلاة: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.
معنى قوله تعالى ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ إخراج فريضة عن وقتها حتى يدخل وقت الفريضة الأخرى، مثلًا إخراج الظهر حتى يؤذن للعصر، أو إخراج العصر عن وقتها حتى يُؤذن للمغرب، أو إخراج العشاء عن وقتها حتى يُؤذن لصلاة الصبح، أو إخراج صلاة الصبح عن وقتها حتى تطلع الشمس، كل هذا من كبائر الذنوب، ليس أمرًا هينًا كما يراه كثير من الناس. الله تبارك وتعالى توعد من يخرج صلاة عن وقتها حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى بالويل. الويل هو شدة الهلاك، شدة العذاب، أي أن الذين يصلون لكنهم يؤخرون بعض الصلوات عن أوقاتها حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى. ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي أن هؤلاء الذين يصلون، لكنهم يخرجون الصلاة عن وقتها حتى يدخل وقت الصلاة التي بعدها لهم الويل، أي العذاب الشديد في الآخرة.
الأمر الذي يقول الله عنه شديد، هو شديد بلا شك، الله تبارك وتعالى لا يخوف عباده بما لا حقيقة له، كما يقول بعض الزنادقة، بعض الملحدين يقولون: هذا العذاب الذي يذكر في القرءان، هذا مجرد تخويف ليس أمرًا يتحقق فيما بعد، يقول هؤلاء الملحدون: هذا تخويف للعباد حتى ينزجروا ويكفوا أنفسهم عن أشياء، أما في الآخرة فلا عذاب، إنما الله رؤوف رحيم، لا يعذب عباده، إنما يريد بهذه التهديدات التي تذكر في القرءان تخويف عباده، لا أنه يحقق لهم ذلك العذاب الذي يهددهم به في الآخرة. هؤلاء والعياذ بالله كفروا، لأنهم كذبوا كلام الله، الله تعالى مستحيل عليه الكذب، إن أخبر في كتابه بأنه يصير كذا، لا بد أن يصير، وإن أخبر في كتابه أن هذا الشىء لا يصير، لا يصير، لا يكون. الله تعالى صادق، هو أصدق الصادقين، يستحيل عليه الكذب، يستحيل عليه الكذب. هو تبارك وتعالى أخبر أن الكفار لهم عذاب شديد، مقيم، أي لا نهاية له، لا ينقطع في الآخرة فلا بد أن يكون الأمر كذلك. لا يجوز أن يقال هذا تخويف حتى يتجنب الناس الكفر، وليس له حقيقة في الآخرة، لا يجوز، من قال ذلك كذّب القرءان، كذّب الله ورسوله، لأن الله تعالى يستحيل عليه الكذب، هو أصدق الصادقين. ما أخبر عنه أنه يكون في الآخرة لا بد أن يكون، وما أخبر عنه أنه يكون قبل الآخرة لا بد أن يكون.
فمن الأشياء التي لم يذكرها القرءان، لكن الله تعالى أوحى إلى نبينا محمد وحيًا كما يوحي إليه بالقرءان، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون كذا قبل يوم القيامة، فلا بد أن يكون ذلك.كما إذا أخبر أنه يصير في الآخرة كذا وكذا، فهو لا بد متحقق ، كذلك إذا أخبر عن شىء أنه يصير قبل يوم القيامة في هذه الدنيا، فلا بدّ أن يكون. كذلك إذا أخبر النبي عمن مضى من الأمم عن الأنبياء الذين قبله أن فلانًا فعل كذا، أو قال كذا، أو أن أمة نبي من الأنبياء فعلت كذا لا بد أن يكون ذلك الأمر صدقًا، الكذب مستحيل على الأنبياء، كل ما بلّغوه عن الله تبارك وتعالى فهو واقع لا بدّ، لا محالة، لا شك.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله