كتب ومتون قصص الأنبياء
 إهلاك قوم شعيب وسوء عاقبتهم

إهلاك قوم شعيب وسوء عاقبتهم

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء تَمادَى قوم نبيّ الله شعيب عليه الصلاة والسلام في غَيّهم وضَلالهم، واستمروا على عنادهم في تكذيب نبيهم وردّ دعوته، ولم يردّهم تذكير نبيّهم شعيب ونصيحتهم عن بَغيهم وظُلمهم وتكبرهم، بل إنَّهم استمروا على تكذيبه واستهزءوا بما توعّدهم به من العذاب الأليم، فإنَّهم قالوا له: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [سورة الشعراء 185-187]، ﴿وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ﴾ [سورة الأعراف/90].
ولَمَّا رأى نبيُّ الله شعيب عليه الصلاة والسلام عناد قومه وتصميمهم على تكذيبه وردِّ دعوته، عند ذلك استفتح على قوْمه واستنصرَ ربَّه عليهم في تعجيل ما يستحقونه من العذاب، ودَعَا الله مُجيبَ الدعوات عليهم فقال: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ [سورة الأعراف/89].
فأنزل الله القويُّ المتين العذابَ الشديدَ على قوم شعيب وجعلهم عبرةً لمن اعتبر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ [سورة الأعراف/91] أي رجفت بهم أرضهم وزُلزِلت بمشيئة الله وقدرته زلزالا شديدًا أزهقت أرواحهم من أجسادهم وصيرت حيوان أرضهم كجمادها، وأصبحت جُثَثهُم جاثيةً لا أرواح فيها ولا حركات ولا حواس، ولقد جمع الله العزيز المنتقم على قوم شعيب الذين كذَّبوا نبيَّه وءاذوه أنواعًا من العقوبات وأشكالا من البليات، وذلك لما اتصفوا به من قبيح الصفات ولما صمَّموا عليه من أنواع الكفر والضلال، فقد سَلَّطَ الله عليهم رجفةً شديدة أسكنت حركاتهم، وصيحة عظيمة أخمدت أصواتهم، وظُلّة سحابٍ أرسل عليهم منها شرر النار الملتهبة في سائر جهاتهم فأهلكوا جميعهم، يقول الله عز وجل: ﴿فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الشعراء/189] وذلك أنهم أصابهم حرٌّ شديد وأسكن الله هبوب الهواء عنهم سبعة أيام، فكان لا ينفعُهم مع ذلك ماء ولا ظل ولا دخولهم في الأسراب، فهربوا من محلتهم إلى البرية فأظلتهم سحابة فوجدوا لها بَردًا ولذة فنادى بعضهم بعضًا، فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها، فلمّا تكاملوا فيها أرسلها الله العزيز القوي عليهم تَرْميهم بِشَررٍ وشُهُب، ورجفت بهم الأرض وجاءتهم صيحة قوية من السماء فأزهقت أرواحهم، والله عزيز ذو انتقام، يقول تعالى في محكم تنزيله: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [سورة هود/102].
ونجّى الله تبارك وتعالى نبيه وحبيبَه شعيبًا عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين ونصرهم على القوم الكافرين يقول تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [سورة غافر/51].
وأَعرض نبيُّ الله شعيب عليه الصلاة والسلام عن قومه بعد أن أهلكهم الله بهذا العذاب الأليم، ونعاهم إلى أنفسهم مُوَبِّخًا ومُؤنبًا ومقرّعًا قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءاسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [سورة الأعراف/93] المعنى لقد أديتُ ما كان واجبًا عليّ من البلاغ التام والنصح الكامل، وحَرَصتُ على هدايتكم بكل ما أقدر عليه فلم تنتفعوا بذلك، ولستُ أتأسف وأحزن بعد هذا عليكم، ذلك لأنكم لم تكونوا تقبلون النصيحة.

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء