كتب ومتون قصص الأنبياء
 دعوة شعيب قومه إلى الإسلام

دعوة شعيب قومه إلى الإسلام

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء دَعا نبيُّ الله شعيبٌ عليه السلام قومَه إلى عبادة الله وحده وترك عبادةِ غير الله ونهاهم عن الظلم والفساد وأخذ أموال الناس بالباطل عن طريق النقص في المكيال والميزان، ولكن لم يؤمن بدعوته إلا العدد القليل من قومه مع أَنهم كانوا في بُحبوحة العيش والرزق، فقد بسط الله عليهم الرزق في عيشهم استدراجًا منه لهم وابتلاءً مع كفرهم بالله سبحانه وتعالى وعَدَم شُكرهم لله على ما أعطاهم ورزقهم من النعم الوفيرة. وقد بيّن لهم نبيّهُم وذكّرهم بما وَسَّع الله عليهم من الخير والرزق عَلَّهم يَقبلون دَعوتَه فيعبدون الله وحده ولا ينقصون المكيال والميزان وينتهون عن الفساد في الأرض، قال الله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأعراف/85].
فأمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم من أجل حب المال وتكثيره، وتوعّدهم بالعذاب الأليم الذي ينتظرهم إن هم استمروا على كفرهم بالله ولم يؤمنوا بدعوته واستمروا على ظلم الناس وأخذهم أموالهم بالباطل وقطعهم الطرق على المارة فقال لهم: ﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ﴾ [سورة الأعراف/86] أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم وبذلك تخيفون المارة وتُرعبونهم، وحذرهم نبيُّ الله عن صدّ الناس عن الإيمان وإيذاء المؤمنين مع هذا الفساد في الأرض الذي كانوا يمارسونه والجرائم التي كانوا يرتكبونها، قال تعالى إخبارًا عن نبيه عليه السلام فيما نهى عنه قومه وحذرهم: ﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءامَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [سورة الأعراف/86].
فقد ذكّرهم شعيبٌ عليه السلام نعمةَ الله عليهم في تكثيرهم بعد القلة، وحذّرهم نقمة الله بهم وعذابه الأليم الذي ينتظرهم في الدنيا والآخرة إنْ هم خالفوا أمره واستمروا على ضلالهم وبذلك يخسرون الدنيا والآخرة ويَبوءون بالصَفقة الخاسرة، وذلك هو الخُسران المبين.
وأخذ نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام يبسط لقومه في الكلام وهو يدعوهم للمعروف وينهاهم عن المنكر والفساد فأراد أن يخرجهم من التعلق بالدنيا وزخارفها ويُبينَ لهم أن أخذ المال وجمعه بالحلال خير لهم من أخذه بالظلم والخيانة وبطرق الحرام فقال لهم برفق وحكمة: ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾ [سورة هود/86] أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم إن كنتم مؤمنين من أخذ أموال الناس بالتطفيف والظلم والخيانة.
والقليل من الحلال الطيب خير من الكثير من الحرام الخبيث، وذلك لأن الحلال مُباركٌ فيه وإن قلّ، والحرام مَمحوقٌ لا بَرَكة فيه وإن كثر، كما قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [سورة البقرة/276]، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الربا وإن كثر فإن مصيره إلى قُلٍّ" أي إلى قلة، رواه أحمد.
فأراد شعيب عليه الصلاة والسلام أن يبين لهم أنه ناصحٌ لهم فيما دعاهم إليه ونصيحته إليهم خالصة لله وما هو عليهم بحفيظ وأما الله تبارك وتعالى فهو الرقيبُ عليهم في جميع تصرفاتهم وأعمالهم العليم بأحوالهم لا تخفى عليه خافية لأنه هو الذي خلقهم، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾ [سورة هود/86].

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء