كتب ومتون قصص الأنبياء
 نِعَم الله تعالى على سليمان عليه السلام

نِعَم الله تعالى على سليمان عليه السلام

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ ءاتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ [سورة النمل 15-16].
أكرمَ الله عز وجل عبدَه ونبيَّه سليمان عليه السلام بنعم كثيرة وخصه بمزايا رائعة كانت عنوانا للعظمة والمجد ومظهرًا من مظاهر الملك العظيم والجاه الكبير والدرجة العالية عند الله سبحانه، فقد فضّله الله تعالى بالنبوة والكتاب وتسخير الشياطين والجن والإنس، وأعطاه الله عز وجل عِلمًا بالقضاء وتسبيح الجبال.
وقد علمه الله تبارك وتعالى منطق الطير ولغته وسائر لغات الحيوانات فكان يفهم عنها ما لا يفهمه سائر الناس، وكان يتحدثُ معها أحيانًا كما كان الأمر مع الهدهد والنمل، قال الله عز وجل: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ﴾ [سورة النمل/16] أي من كل شىء يجوز أن يؤتاه الأنبياء والناس، وقيل إنَّ نبيَّ الله سليمان عليه السلام أعطي ملك مشارق الأرض ومغاربها.
وقد سخّر الله تبارك وتعالى لنبيه سليمان عليه السلام الريحَ فكانت تنقله إلى أي أطراف الدنيا شاء، قال الله عز وجل: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ﴾ [سورة ص/36]، وقال تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَالِمِينَ﴾ [سورة الأنبياء/81].
والمعنى أنَّ الله تعالى سخر لعبده سليمان الريح عاصفة أي شديدة الهبوب، تجري بأمر سليمان فتسير به إلى حيث شاء ثم تعود به إلى منزله بالشام.
وقال الله تعالى: ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ [سورة سبإ/12] أي أنها تقطع به أول النهار مسيرة شهر، وبعد الظهر مسيرة شهر.
ويقال إنه كان لنبيّ الله سليمان عليه السلام بساط مركب من أخشاب بحيث أنه يسعُ جميعَ ما يحتاج إليه من الدُّور المبنية والقصور والخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال والرحال وغير ذلك من الحيوانات والطيور، فإذا أراد سفرًا أو قتال أعداء من أيّ بلاد الله شاء، حمل هذه الأشياء كلها على هذا البساط وأمر الريحَ فدخلت تحته فرفعته وسارت به مُسرعة بإذن الله إلى أي مكان شاء بمشيئة الله تعالى وقدرته.
ومن نِعم الله تبارك وتعالى على سُليمان عليه السلام أَن سَخّرَ له الجن ومَردة الشياطين يغُوصون له في البحار لاستخراج الجواهر واللآلىء ويعملون له الأعمال الصعبة التي يعجز عنها البشر، كبناء الصروح الضخمة والقصور العالية والقدور الضخمة العالية الثابتة والجفان التي تشبه الأحواض الكبيرة، يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: ﴿وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [سورة سبأ/12] أي وسخر الله عزَّ وجل له من الجن عُمالا يعملون له ما يشاء لا يخرجون عن طاعته ومن خرج منهم عن أمره وطاعته عذبه ونكل به.
ثم بيّن الله تعالى ما كانت تصنع الجن لنبيه سليمان عليه السلام فقال عز وجل: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا ءالَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سورة سبإ/13].
وقد جعل الله تعالى لنبيه سليمان عليه السلام سُلطة عالية على جميع الشياطين من الجن يسخر من يشاء منهم في الأعمال الشاقة، ويقيدُّ من يشاء في الأغلال ليكف شرهم عن الناس، يقولُ الله عز وجل: ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ * وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ﴾ [سورة ص 37-38] أي الأغلال.
ومن نِعم الله تعالى على سُليمان عليه السلام أن أسال له عين القِطر وهو النحاس المذاب، فكان النُحاسُ يتدفقُ رقراقًا مُذابًا لسليمان عليه السلام كتدفق الماء العذب، فَيصنعُ منه سليمان عليه السلام ما يشاء من غير نار وكانت تلك العين في بلاد اليمن، يقولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وأسَلْنا له عين القِطْرِ﴾ [سورة سبإ/12].
ومن نعم الله تعالى على سليمان عليه السلام أن جُنْدَهُ كان مُؤلفًا من الجن والإنس والطير، وكان سليمان عليه السلام قد نظّم لهم أعمالهم ورتب لهم شئونهم، فكان إذا خرج خرجوا معه في موكب حافل مهيب يُحيط به الجند والخدم من كل جانب، فالإنس والجن يسيرون معه سامعين مطيعين خاضعين، والطير بأنواعها تظله بأجنحتها من الحر وغيره، وعلى كل من هذه الجيوش نقباء ورؤساء يديرون وينظمون الفرق في عرض رائع وموكب مَلِكي حافل لم تر العين مثله، وهذا كله من فضل الله تعالى على عبده ونبيه سليمان عليه السلام الذي كان عبدًا مطيعًا أوّابًا داعيًا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وكان من عباد الله الشاكرين، يقول الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [سورة ص/30]، ويقول تعالى: ﴿اعْمَلُوا ءالَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سورة سبإ/13].

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء