القول في الاستطاعة

كتاب الدرة البهية

dorraBahiyyah قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَالاسْتِطَاعَةُ التي يَجِبُ بِها الفِعْلُ مِنْ نَحْوِ التَّوفِيقِ الَّذي لا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ المَخلُوقُ بِهِ فَهِيَ مَعَ الفعلِ، وَأَمّا الاسْتطَاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالوُسْعِ والتَّمَكُّنِ وَسَلامَةِ الآلاتِ فَهِي قَبلَ الفِعْلِ وَبِهَا يَتَعَلَّقُ الخِطَابُ وهِيَ كَمَا قَالَ تَعَالى ﴿لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا (286)﴾ [سورة البقرة].
الشرحُ الاستطاعةُ عندَ أهلِ الحقِّ نوعانِ استطاعةٌ تكونُ معَ الفعل تقارنُهُ، واستطاعةٌ تكونُ سابقةً للفعلِ حتى يَحْصُلَ الفعلُ بِها ، فالاستطاعةُ التي تكونُ معَ الفعلِ هي التي يَتَحَقَّقُ بِها منَ العبدِ الفعلُ يُحْدِثُهَا اللهُ مقرونةً بالفعلِ ففي الطاعاتِ تُسَمَّى تَوْفِيقًا وفي المعاصي تُسمَّى خِذلانًا ، هذا عندَ أهلِ الحقِّ وأمَّا البِدْعِيُّونَ فيقولونَ إن تلكَ الاستطاعة متقدمةٌ للفعلِ وهذا خلافُ الصحيحِ.
وأمَّا الاستطاعةُ الثانيةُ فهي سلامةُ الأسبابِ والآلاتِ أيْ كونُ الحَواسِّ التي يَتَأَدَّى بِها الفعلُ سالِمَةً وهذهِ قبلَ الفعلِ ليسَ فيها خلافٌ ، وهذه الاستطاعةُ الثانيةُ هي التي يَتَعَلَّقُ بِها الخِطابُ يعني الخطابَ التكليفيَّ الذي خاطب اللهَ تعالى به عبادَه بأداءِ أَوامرِهِ واجتنابِ نَواهِيهِ وهذا هو الخِطابُ الذي يَعْنِيهِ المؤلِّفُ.