من إملاءات المحدّث الهرري كتاب سلسلة الذهب - الجزء الأول
 جوازُ التوسّلِ بالِصَالِحينَ

جوازُ التوسّلِ بالِصَالِحينَ

سلسلة الذهب - الجزء الأول

سلسلة_الذهب الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ له النّعمةُ وله الفضلُ وله الثناءُ الـحسنُ صلواتُ اللهِ البرّ الرّحيمِ والملائكةِ الـمقرّبينَ على سيدِنا مـحمَّدٍ أشرفِ الـمرسلينَ وعلى ءالهِ وصحبِه الطيّبينَ الطاهرينَ.
أمَّا بعدُ فقد رُوّينَا في جامعِ الترمذِيّ رَحِـمَهُ اللهُ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال مُـخاطِبًا ابنَ عباسٍ: "إذا سَأَلْتَ فاسأَلِ اللهَ وإذَا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ" رواهُ التّرمذيُّ. معنى الـحديثِ أنَّ الأَوْلَـى بأنْ تسألَهُ هو اللهُ وهذا أمرٌ لا شَكَّ فيهِ؛ لأنَّ اللهَ تبارك وتعالى هو خالقُ الخيرِ والشرّ وخالقُ الـمنفعةِ والْمَضَرَّةِ، فإذا كانَ كذلك فلا يَـخفَى أنَّ الأَوْلَـى بأن يُسأَلَ هو اللهُ وأنَّ الأَوْلَـى بأنْ يُستَعَانَ هو اللهُ.
وبِـمعنَـى هذا الـحديثِ الـحديثُ الذي رَوَيْنَاهُ في صحيحِ ابنِ حبانَ أنَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: "لا تُصَاحِبْ إلا مؤمنًا ولا يأكُلْ طعامَكَ إلا تقيٌّ" هذا الـحديثُ أيضًا يدلُّ على أنَّ الأَوْلَـى بالْمُصَاحَبَةِ هو الـمؤمنُ، وكذلكَ الأَوْلَـى بأن تُطعِمَ طعامَكَ الـمسلمَ. وليسَ مرادُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في هذا الـحديثِ أنَّهُ لا يَـجُوزُ صحبةُ غيرِ الـمؤمنِ، إِنَّـمَا مرادُهُ بيانُ أنَّ الأَوْلَـى في الـمصَاحَبَةِ هو الـمؤمنُ، وكذلكَ الـجزءُ الثانِي من هذا الـحديثِ: "ولا يأكلْ طعامَكَ إلا تقيٌّ" مرادُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بهِ أنَّ الأَوْلَـى بأَنْ يَطعَمَ طعامَكَ هو الـمسلمُ التّقيُّ، والتّقيُّ هُو مَنْ قامَ بِـحُقوقِ اللهِ وحقوقِ العبادِ أي أدَّى الواجباتِ الـمتعلّقةَ بالعباداتِ البدنيةِ كالصّلاةِ وصيامِ رمضانَ والـزّكاةِ والحجّ إلى غيرِ ذلكَ، وتجنَّبَ ما حرَّمَ اللهُ، إذا أَطعَمَ الـمسلمُ الـمسلمَ العاصِيَ الذي هو من أهلِ الكبائرِ جائزٌ وفيهِ ثوابٌ، كذلكَ إذا أَطعَمَ الـمسلمُ الكافرَ من الكفارِ فذلكَ جائزٌ وفيه ثوابٌ، فالْمـحرّفُونَ لشريعةِ اللهِ يُورِدُونَ حديثَ عبدِ الله بنِ عباسٍ هذا: "إذا سَأَلْتَ فاسألِ اللهَ وإذَا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ" لتحريـمِ التوسّل بالأنبياءِ والأولياءِ.
أينَ في هذا الـحديثِ تـحريـمُ التوسّلِ بالأنبياءِ والأولياءِ؟ هل قالَ الرّسولُ: لا تَسأَلْ غيرَ اللهِ ولا تَستَعِنْ بغيرِ اللهِ؟ ما قالَ، أليسَبَينَ أن يُقالَ: لا تَسأَلْ غيرَ اللهِ وبينَ أن يُقالَ: "إذَا استَعَنْتَ فاستَعِنْ باللهِ" فَرقٌ؟
لكنْ هؤلاءِ الذينَ دأبـُهُم تَـحريفُ شريعةِ اللهِ والتّمويهُ على النّاسِ وزخرفةُ الباطلِ وإيهامُ النّاسِ الأمرَ الـجائزَ حرامًا أو شركًا وكُفرًا، هُم حرَّفُوا معنى حديثِ عبدِ اللهِ ابنِ عباسٍ، هذا دَأبـُهُم، إذا أرادُوا أن يُـحَرّمُوا التوسّلَ بالأنبياءِ والأولياءِ يذكرُونَ هذا الـحديثَ، هذا الـحديثُ صحيحُ الإسنادِ إِنَّـمَا هُم يُـحَرّفُونَ معناهُ ليسَ فيه دِلالةٌ على مَا يَدَّعُونَ، ليسَ فيه أدنَـى دِلالةٍ على تَـحريـمِ التوسّلِ بالأنبياءِ والأولياءِ، وكلُّ مؤمنٍ يَعلَمُ ويعتقدُ أنَّ سؤالَ الـمؤمنِ ربَّهُ أفضلُ من أنْ يَسأَلَ غيرَهُ، كلُّ مؤمنٍ يَعلَمُ ذلكَ، يَعلَمُ أنَّ سؤالَ اللهِ تعالى أَفضَلُ مِنْ سؤالِ واحدٍ من خَلْقِهِ.
كذلكَ كلُّ مؤمنٍ يعلَمُ أنَّ الاستعانةَ باللهِ خيرٌ وأفضلُ منَ الاستعانةِ بغيرِ اللهِ تعالى، لكنْ هؤلاءِ لا يُورِدُونَ الـحديثَ على هذا الـمعنَـى الذي هو مُرادُ رسولِ اللهِ، إِنَّـمَا يُورِدُونَهُ لتحريـمِ ما أحَلَّ اللهُ. التوسّلُ بالأنبياءِ والأولياءِ شىءٌ قَدِمَ بهِ الشَّرعُ، اللهُ تباركَ وتعالى أَذِنَ لنَا أن نتوسّلَ بالأنبياءِ والأولياءِ الأحياءِ والأمواتِ ما حرَّمَ علينَا.
هناكَ حديثٌ ضعيفٌ يتشبَّثونَ به لتحريـمِ الاستغاثةِ وتكفيرِ الـمستغيثِ برسولِ اللهِ وبسائرِ الأنبياءِ والأولياءِ، وهذا الـحديثُ رواهُ الإمامُ أحمدُ في مسندِهِ بإسنادٍ فيهِ راوٍ ضعيفٌ عندَ أهلِ الـحديثِ يقالُ لهُ ابنُ لَـهِيعَةَ.
في هذا الـحديثِ أنَّ أبَا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ : "قومُوا بِنَا إلى رسولِ اللهِ نَستَغِيثُ بهِ مِن هذا الـمنافقِ، فذَهَبُوا فقالُوا لرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقال: "إنَّهُ لا يُستَغَاثُ بِي إِنَّـمَا يُستَغَاثُ باللهِ عزَّ وجلَّ".
هذا الـحديثُ هُم يَتَشَبَّثُونَ بهِ لتكفيرِ مَنْ يَستَغِيثُ بالرسولِ أو بغيرِهِ من الأنبياءِ أو بولِـيٍّ من الأولياءِ، أي يُكَفّـِرُونَ مَنْ يَقولُ: يا رسولَ اللهِ أغثنِي أو يا عبدَ القادرِ الـجيلانِـيَّ أَغِثْـنِـي ونحوَ ذلكَ من العباراتِ، يُورِدُونَ هذا الـحديثَ الضّعيفَ الذي لا يـُحتَجُّ بِهِ لتكفيرِ الـمستغيثِ.
فإِيَّاكُم أنْ تُصَدّقُوهُم إنْ أورَدُوا لكُم حديثًا، فإمَّا أنْ يكونَ ذلكَ الـحديثُ ضعيفًا، وإمَّا أنْ يكونَ ذلكَ الـحديثُ صَحِيحًا لكنْ هُم يُـحرّفُونَ معناهُ، فكُونُوا على حَذَرٍ منهُم، وإيَّاكُم أن تَتَسَرَّعُوا لِمُوَافَقَتِهِم، هذا ليسَ لهُ إسنادٌ صحيحٌ ومع هذا هم يُورِدُونَه لتكفيرِ الـمُستَغِيثِ برسولِ اللهِ أي الذي يَقُولُ : يا رسولَ اللهِ أَغِثْنَا، أو يا رسولَ اللهِ أَعِنَّا أو يا رسولَ اللهِ أَنقِذْنَا من هذهِ الشّدةِ، ونحوَ ذلكَ من العباراتِ، أو يا رسولَ اللهِ هَلَكْنَا فأَنْقِذْنَا وأَغِثْنَا، يُريدُونَ بإيرادِهِم لِـهذا الـحديثِ الضعيفِ أن يُكَفّـِرُوا الـمسلمَ الذي يَستَغِيثُ برسولِ اللهِ أو بغيرِهِ من أنبياءِ اللهِ أو بولِـيٍّ من أولياءِ اللهِ.
هُـمَا الاستغاثةُ والتوسلُ معناهُـمَا واحدٌ، إذا إنسانٌ قال: اللهُمَّ إنّـِي أَسأَلُكَ بنبيّنَا مـحمَّدٍ أنْ تُفَرّجَ كُربتِـي أو أنْ تَـحِلَّ لِي مُشكِلَتِـي، هذا يقالُ لهُ توسّلٌ بالرسولِ ويقالُ لَهُ استغاثةٌ بالرسولِ، الاستغاثةُ والتوسلُ بِـمعنًى واحدٍ كمَا قالَ ذلكَ الـحافظُ الفقيهُ الـمـحدّثُ اللغويُّ النحْويُّ الـمتكلّمُ الأصولِـيُّ الشّافعيُّ تقيُّ الدّينِ السّبكيُّ. هذا الإمامُ تقيُّ الدينِ السبكيُّ هو من علماءِ اللغةِ والنحْوِ كمَا أَنَّهُ مـُحَدّثٌ حافِظٌ في الـحديثِ وفقيهٌ شافعيٌّ من أهلِ التّرجيحِ في الـمذهبِ الشافعيّ، من الطَّبقةِ العُليَا بعدَ الشافعيّ، قالَ بعضُهُم: هو مُـجتَهِدٌ لكنْ لَـمْ يُنادِ بالاجتهادِ.
وهناكَ أيضًا أثرٌ يَتَشَبَّثُ هؤلاءِ بهِ لتحريـمِ التوسّلِ بالنبِـيّ بعدَ وفاتِهِ، عندَهُم قاعدةٌ ما أَنزَلَ اللهُ بِـهَا من سلطانٍ وهي قولُـهُم: لا يَـجُوزُ التوسّلُ إلا بالحيّ الـحاضرِ، والذي وَضَعَ لَـهُم هذهِ القاعدةَ هو ابنُ تيميةَ ولَـمْ يقلْهُ عالِـمٌ مسلمٌ قبلَ ذلكَ، ما قالَ قبلَ ابنِ تيميةَ أحدٌ من علماءِ الإسلامِ، قالَ : "لا يَـجُوزُ التوسّلُ إلا بالحيّ الـحاضرِ" وهو يعنِـي بِـهذا أنَّكَ إنْ تَوَسَّلْتَ بنبِـيّ أو ولِـيّ بعدَ وفاتِهِ حرامٌ بلْ شركٌ، كُفرٌ، وإنْ تَوَسَّلْتَ بالنّبيّ أو غيرِهِ مِنَ الأولياءِ في غيرِ مَـجلسِهِ، هو في بلدٍ وأنتَ في بلدٍ، أو أنتَ في بيتِكَ وهو في مكانِهِ، إذا تَوَسَّلْتَ بهِ في هذهِ الـحالِ عندَهُ أَشْرَكْتَ وكَفَرْتَ، وهؤلاءِ الذينَ هُم فيمَا بينَ الناسِ اليومَ أخذُوا بتلكَ القاعدةِ التِـي ما أَنزَلَ اللهُ بِـهَا من سلطانٍ، التِـي لَـمْ يقلْهَا رسولُ اللهِ ولا صَاحِبٌ مِنْ أصحابِ رسولِ اللهِ ولا إمامٌ مُـجتَهِدٌ، أبُو حنيفةَ أو مالكٌ أو أحمدُ بنُ حنبلٍ أو الشافعيُّ أو غيرُهُ ما قالَـهَا أحدٌ.
هنا مسئلةٌ ينبغِي الانتباهُ لَـهَا، وهي أنَّـهُم يَفتَرُونَ على أَبِـي حنيفةَ يقولُون: أبُو حنيفةَ قالَ: "لا يَـجُوزُ أنْ يُسأَلَ اللهُ تعالى بِـحَقّ أحدٍ، أنْ يقالَ أَسأَلُكَ بِـحَقّ فلانٍ"، أبُو حنيفةَ يَـحتَمِلُ أنْ يكونَ قالَ هذهِ الكلمةَ ويَـحتَمِلُ أنهُ لَـمْ يَقُلْهَا.
فإنْ قالَـهَا فقد فَسَّرَهَا جَـمَاعَتُهُ بأنَّ مرادَ أبي حنيفة لِمنعِهِ مِنْ هذهِ العبارةِ "بِـحَقّ فلانٍ" أنَّ هذهِ الكلمةَ تُوهمُ حقًّا لازمًا لِـخلقِهِ، واللهُ تعالى ليسَ مُلزَمًا لأحدٍ بشىءٍ، الذينَ يَعمَلُون الـحسناتِ الـمُطِيعُونَ لهُ من الأنبياءِ والأولياءِ فإِنَّـمَا أطاعُوهُ لتمكينِ اللهِ تباركَ وتعالى لَـهُم، اللهُ خَلَقَ فيهِمُ الإدراكَ والعلمَ وهو أَعطَاهُم قوةَ الكلامِ وهو أعطاهُم قوةَ الـمشيِ. كلُّ ما يفعلونَهُ من الـحسناتِ فبفضلِ اللهِ تعالى، فمِنْ أينَ يكونُ اللهُ تعالى مُلزَمًا لأحدٍ من خَلقِهِ، اللهُ ليسَ مُلزَمًا لا للأنبياءِ ولا للأولياءِ، ليسَ مُلزَمًا لأحدٍ أن يُعطيَهُ شيئًا، إِنَّـمَا هو مُتكرّمٌ مُتفضّلٌ، الثّوابُ الذي يُثِيبُهُ الطائِعِينَ من عبادِهِ الأنبياءِ والأولياءِ فَضلا منهُ ليسُ هو مُلزَمًا أنْ يُعطيَهُم؛ لأنَّهُ هو خَلَقَهُم أوجدَهُم من العدمِ ثُـمَّ هو خَلَقَ فيهِم هذه الـحركاتِ والسّكناتِ فإذًا لِمَنِ الفَضلُ؟ الفَضلُ للهِ عليهِم، ليسَ لَـهُم على اللهِ فَضْلٌ، الأنبياءُ والأولياءُ والملائكةُ كلُّهُم ليسَ لَـهُم على اللهِ فَضْلٌ بلِ اللهُ تبارك وتعالى هو الـمُتَفَضّـِلُ عليهِم.
الإمامُ أبُو حنيفةَ إِنَّـمَا مَنَعَ من قولِ "أسألُكَ بِـحَقّ فلانٍ" لأنَّ هذهِ الكلمةَ تُوهِمُ أنَّ اللهَ تعالى مُلزَمٌ لِـخَلقِهِ أنْ يُعطِيَهُم شيئًا وهُو ليسَ مُلزَمًا، هذا معلومٌ أنَّ اللهَ ليسَ مُلزَمًا أنْ يعطيَ أحدًا من خَلْقِهِ الثوابَ في الآخرةِ، إِنَّـمَا هو متفضّلٌ على عبادِهِ الطائِعِينَ من الأنبياءِ والأولياءِ.
أحدُ رؤوسِ الوهّابيةِ في دمشقَ الشامِ قبلَ أكثرَ من عشرينَ سنةً وكُنَّا في مَـجلِسِ مناظرةٍ مَعَهُ، قال: "أمَّا التَّوَسُّلُ فقد كَفَانَا الـمؤنةَ أبُو حنيفةَ" (يعني أبُو حنيفةَ حَرَّمَ التوسلَ، فنَحنُ اكتَفَيْنَا بذلكَ)، أبُو حنيفةَ لَـمْ يُـحَرّمْ، إِنَّـمَا مَنَعَ مِنْ هذهِ الكلمةِ فقط، ما قَالَ: لا يَـجُوزُ التوسّلُ بالأنبياءِ والأولياءِ في غيرِ حضورِهِم وفي غيرِ حالِ حياتِـهِم.
ثُـمَّ لو فَرَضْنَا أنَّ أبا حنيفةَ قال هذا، فليسَ في هذا حُجّةٌ؛ لأنَّهُ وَرَدَ الـحديثُ الصحيحُ الذي يُثبِتُ لنَا جوازَ أن نقولَ : "اللهُمَّ إنّـِي أسألُكَ بِـحَقّ فلانٍ"، وَرَدَ حديثٌ حسنُ الإسنادِ حَسَّنَهُ حافِظَانِ من حُفَّاظِ الـحديثِ أحدُهُـمَا الـحافظُ ابنُ حجرٍ والآخرُ الـحافظُ أَبُو الـحسنِ الـمقدسيُّ وهذا الـحديثُ هو أنَّ الرسول صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: "مَن خَرَجَ إلى الـمسجدِ فقالَ: اللهُمَّ إنّـِي أسألُكَ بِحَقّ السَّائلِينَ عَلَيكَ وبِحقّ مَمْشَايَ هذا فإنّـِي لَـمْ أخْرجْ بَطرًا ولا رياءً ولا سُمعةً" إلى آخرِهِ، وفيه أنَّ الذي قالَ هذا وهو ذاهبٌ إلى الـمسجدِ يستغفِرُ له سبعُونَ ألفَ ملكٍ.
هذا الـحديثُ قال الـحافظُ ابنُ حجرٍ عنهُ: حسنٌ، كذلكَ الـحافظُ الآخرُ قالَ عنهُ: حَسنٌ، لوجودِ هذا الـحديثِ لو كانَ أبو حنيفةَ قالَ هذا الشىءَ للمعنَـى الذي هم يتوهَّـمُونَهُ أو للمعنَـى الذي قالَهُ جـماعتُهُ ليسَ فيه دليلٌ على تَـحريـمِ أن يقولَ الـمتوسّلُ في توسّلِهِ: "اللهُمَّ إنّـِي أسألُكَ بِـحَقّ مـحمَّدٍ أو بِـحَقّ إبراهيمَ أو بِـحَقّ أبِـي بكرٍ أو بِـحَقّ عليّ بنِ أبِـي طالبٍ ونحوِ ذلكَ، ما فيهِ دليلٌ على تَـحريـمِ ذلكَ، أنَّـى يكونُ فيهِ دليلٌ."إذا جاءَ الخبرُ انقطعَ النّظرُ"، هكذَا قالَ أهلُ العلمِ، معناهُ إذا جاءَ الـحديثُ عن رسولِ اللهِ ارتَفَعَ النظرُ يعنِي القياسُ والاجتهادُ بَطَلَ، مع وجودِ هذا الـحديثِ نَـحنُ نقولُ ذلكَ الذي يُروَى عن أبِـي حنيفةَ ما فيهِ دليلٌ، هذا الرجُلُ الذي ذَكَرْتُ لكُم أنَّهُ من رؤوسِ الوهابيةِ قال في مناظرةٍ من الـمناظراتِ في دمشقَ:"أمَّا التّوسلُ فقد كفانَا أبُو حنيفةَ الـمؤنةَ"، كلامٌ لا طائِلَ تَـحتَهُ بل هو هَباءٌ مَنثورٌ.

 

 

سلسة الذهب
harariyy.org

قائمة سلسة الذهب