ربنا يملأ جهنم يوم القيامة بفوج من خلقه

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَديثُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ ذِكْرُ الْرِّجْلِ مُضَافًا إِلى اللهِ هُوَ حَدِيثُ: "إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَمْلأُ يوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمَ بِفَوْجٍ مِن خَلْقِهِ"، كَانُوُا مِنْ أَهْلِها في عِلْمِ اللهِ تعالى، لَيْسَ أَهْلُ الْنَّارِ يَدْخُلونَ الْنَّارَ دُفْعَةً وَاحِدَةً كُلُّهُم، لا، بَلْ يَدْخُلُ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذِلِكَ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَوْجٌ، فَالْفَوْجُ الأَخِيرُ هُوَ الَّذِي وَرَدَ في الْحَدِيثِ: "فَيَضَعُ رِجْلَهُ فِيهَا"،
"رِجْلَهُ": مَعْنَاهُ الْفَوْجُ الأَخِيرُ مِنْ خَلْقِهِ الَّذِينَ هُمْ حِصَّةُ جَهَنَّمَ.
عَنْ هَذَا عَبَّرَ رُسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِهِ: "يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتََلأتِ؟ فَتَقُوُلُ: هَلْ مِنْ مَزِيد؟ فَيَضَعُ الْجَبَّارُ رِجْلَهُ فِيهَا، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ، فَتَقُولُ قَطٍ قَطّ" (رواه البخاري) أَيِ اكْتفَيّتُ، اكتَفَيتُ. مَعْنَاهُ وَجَدْتُ مِلْئِي، وَجَدْتُ مَا يَمْلَؤنِي. "فَيَنْزَوي بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ" مَعْنَاهُ عِنْدَمَا يُرسِلُ اللهُ فَوْجًا جَدِيدًا، ءَاخِر فَوْجٍ، الْنَّارُ تَتَقَلَّصُ، كَانَتْ تَتَّسِعُ ثُمَّ هِيَ تَتَقَلَّصُ مَعَ هَؤُلاءِ، بِأَكْلِ هَؤُلاءِ.
"رِجْلَهُ" مَعْنَاهُ الْفَوْجُ الأَخِيرُ الَّذِينَ يُقَدِّمُهُمْ لِلنَّارِ،
يُقَالُ في لُغَةِ الْعَرَبِ: "رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ" أَيْ فَوْجٌ مِنْ جَرَادٍ
أَمَّا مَنْ توَهَّمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ للهِ تعالى رِجْلاً بِمَعْنَى عُضْوٍ فَهُوَ كافِرٌ مُشَبِّهٌ للهِ بِخَلْقِهِ، لا يَنْفَعُهُ انْتِسابُهُ إلى الإسْلامِ، لأَنَّ مَنْ لَمْ يعرِفِ اللهَ لا تَصِحُّ عِبادَتُهُ.
كذلِكَ رِوَايَةُ الْقَدَمِ: "فَيَضَعُ فِيهَا قَدَمَهُ": مَعْنَاهُ الْشَّىْءُ الَّذِي يُقَدِّمُهُ اللهُ لِجَهَنَّمَ،
أَئِمَّةُ اللُّغَةِ قَالُوا: القَدَمُ مَا يُقَدِّمُهُ اللهُ تَعَالى لِلنَّارِ، لَيْسَ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ عُضْوًا فَيُقَدِّمُ هَذَا الْعُضْوَ في النَّارِ، أَيْ يُدْخِلُهُ فِيهَا، تَنَزَّهَ رَبُّنَا عَنْ أَنْ يَكُوُنَ لَهُ عُضْوٌ.