كتب ومتون نخبة الفكر
الإسنَاد

الإسنَاد

نخبَةُ الفِكَر في مُصْطَلح أهْل الأَثَر

ثُمَّ الإسنَادُ إمَّا أن يَنتَهِيَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَصريحًا أو حُكمًا مِن قَولِهِ أو فِعلِهِ أو تَقرِيرِهِ، أو إلى الصَّحَابِيّ كذَلكَ وهُوَ مَن لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُؤمِناً بِهِ وَمَاتَ على الإسلامَ وَلَو تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ في الأَصَحَّ، أو إلى التَّابعِيّ وَهُوَ مَن لَقِيَ الصَّحَابِيَّ كذَلكَ. فالأَوَّلُ: المَرفُوعُ، والثَّاني: المَوقُوفُ، والثَّالِثُ: المَقطُوعُ، ومَن دُونَ التَّابِعِيّ فيهِ مِثلُهُ، وَيُقَالُ للأََخِيرَينِ: الأَثَرُ.
وَالمُسنَدُ مَرفُوعُ صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الاتصَالُ. فإنْ قَلَّ عَدَدُهُ فإمَّا أن يَنتَهِيَ الى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، أو إلى إمَامٍ ذِي صِفَةٍ عَلِيّةٍ كَشُعْبَةَ، فالأَوَّلُ: العُلُوُّ المُطلَقُ، والثَّاني: النّسبِيُّ، وَفيهِ المُوَافَقَةُ وَهِيَ الوُصولُ إلى شَيخِ أَحَدِ المُصَنّفِينَ من غَيرِ طَريقِهِ، وَفِيهِ البَدَلُ وَهُوَ الوُصولُ إلى شَيخِ شَيخِهِ كَذَلكَ، وَفيهِ المُسَاواةُ وَهيَ استِوَاءُ عَدَدِ الإسنَادِ من الرَّاوِي الى ءاخِرِهِ مَع إسنَادِ أَحَدِ المُصَنّفِينَ، وَفيهِ المُصَافَحَةُ وَهِيَ الاستِوَاءُ مَع تِلمِيذِ ذَلكَ المُصَنّفِ.
وَيُقَابِلُ العُلُوَّ بِأقسَامِهِ النُّزولُ.
فَإن تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَن رَوَى عَنهُ في السّنَ وَاللُّقِيّ فَهوَ الأَقْرَانُ، وإن رَوَى كُلُّ مِنهُمَا عَنِ الآخَرِ فَالمُدَبَّجُ، وان رَوَى عَمَّن دُونَهُ فَالأَكَابِرُ عَنِ الأَصَاغِرِ، وَمِنهُ الآبَاءُ عَنِ الأَبنَاءِ، وفي عَكسِهِ كَثرَةٌ، وَمِنهُ مَن رَوَى عَن أَبيهِ عَن جَدّهِ.
وإن اشتَرَكَ اثنَانِ عَن شَيخٍ وَتَقدَّمَ مَوتُ أَحَدِهِمَا فَهوَ: السَّابِقُ واللَّاحِقُ، وإن رََوى عَن اثنَينِ مُتَّفِقي الاسمِ ولَم يَتَمَيَّزَا فَبِاختِصَاصِهِ بِأَحَدِهِمَا يَتَبَيَّنُ المُهْمَل.
وإن جَحَد مَرْوِيَّه جَزمًا رُدَّ، أو احتِمَالا قُبِلَ في الأَصَحّ وَفِيهِ: "مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ".
وإن اتَّفَقَ الرُّوَاةُ في صِيَغِ الأَدَاءِ أو غَيرِهَا مِنَ الحَالاتِ فهو المُسَلسَلُ.
وَصِيَغُ الأَدَاءِ سَمِعتُ وحَدَّثَني، ثُمَّ أخبَرَني وَقَرَأتُ عَليهِ، ثُمَّ قُرِئ عَليهِ وأنَا أَسمَعُ، ثُمَّ أَنبَأَني، ثُمَّ نَاوَلَني، ثُمَّ شَافَهَني، ثُمَّ كَتَبَ إلَيَّ، ثُمَّ عَن وَنَحوُهَا. فَالأَوَّلانِ لِمَن سَمِعَ وَحْدَهُ مِن لَفظِ الشَّيخِ، فإن جَمَعَ فَمَع غَيرِهِ، وَأَوَّلُهَا أَصرَحُ وَأرفَعُهَا في الإملاءِ، والثَّالِثُ والرَّابعُ لِمَن قَرَأَ بِنَفْسِهِ، فإن جُمِعَ فَكَالخَامِسِ، والإنبَاءُ بِمَعنَى الإخبَارِ إلا في عُرْفِ المُتَأَخِرِينَ فهو للإجَازَةِ كَعَن. وَعَنعَنَةُ المُعَاصِرِ مَحمُولَةٌ على السَّمَاعِ إلا مِنَ المُدَلّسِ، وَقيلَ: يُشتَرَطُ ثُبوتُ لِقَائِهِمَا ولو مَرَّةً وهوَ المُختَارُ. وأَطلَقوا المُشَافَهَةَ في الإجَازَةِ المُتَلَفَّظِ بِهَا، والمُكَاتَبَةَ في الإجَازَةِ المَكتوبِ بِهَا، واشتَرَطوا في صِحَّةِ المُنَاوَلَةِ اقتِرانَهَا بالإذْنِ بالرّوَايَةِ وَهيَ أَرفَعُ أَنوَاع ِالإجَازَةِ، وَكَذَا اشتَرَطوا الإذنَ في الوِجَادةِ، والوَصِيّةَ بالكِتَابِ، وفي الإعلامِ، وإلا فلا عِبْرَةَ بذَلكَ كَالإجَازَةِ العَامَّةِ، وَلِلمَجهُولِ وَلِلمَعدُوم على الأصَحّ في جَميعِ ذَلكَ.
ثُمَّ الرُّوَاةُ إن اتَّفَقَت أَسمَاؤهُم وَأَسمَاءُ ءابَائِهِم فَصَاعِدًا وَاختَلَفَتْ أَشخَاصُُهم فَهُوَ: المُتَّفِقُ والمُفتَرِقُ، وإن اتَّفَقَت الأسماءُ خَطًّا وَاختَلَفَت نُطْقًا فَهوَ: المُؤتَلِفُ والمُختَلِفُ، وإن اتَّفَقَت الأَسمَاءُ وَاختَلَفَت الآبَاءُ أو بِالعَكسِ فَهوَ: المُتَشَابِهُ، وكَذَا إن وَقَعَ الاتّفَاقُ في الاسمِ وَاسمِ الأَبِ والاختِلافُ في النِّسبَةِ.
وَيَتَرَكَّبُ مِنهُ وَمِمَّا قَبلَهُ أَنوَاعٌ مِنهَا: أن يَحصُلَ الاتّفَاقُ أو الاشتِبَاهُ إلا في حَرفٍ أو حَرفَينِ، أو بِالتَّقدِيمِ والتَّأخِيرِ أو نَحوِ ذَلِكَ.