الإنسان الذي يحبه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله وغفر له ولوالديه:
الإنسان الذي يحبه الله يكون مؤمنا حقيقة يصيبه بالمصائب على حسب قوة دينه الله يصيبه بالبلاء من كان دينه متينا له عند الله درجة عالية يشتد بلاؤه وإذا كان ضعيفا في دينه يكون بلاؤه على حسب دينه بعض الناس إذا أصيبوا بالبلاء بعد أن أقبلوا نحو الطاعة أصابهم البلاء الشيطان يوسوس لهم ماذا نفعكم إقبالكم على الطاعة فيتقهقر يتراجع الى الخلف ثم يخشى عليه أن ينسلب من الدين ويقع في الكفر الرسول قال من يرد الله به خيرا يصب منه أي ينزل به مصيبة معناه أما الذي لم يرد به خيرا عظيما يتركه متقلبا في النعيم ويؤخر له عذابه الى الآخرة لذلك قال الرسول أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل من قرأ سيرة الأنبياء تواريخ مراحل حياتهم يعرف ذلك نبدأ بسيدنا محمد أصيب بوفاة ستة من أولاده في حياته واحدة تأخرت وفاتها عنه فاطمة أما الذكور الثلاثة فقد ماتوا في صغرهم قبل أن يكبروا والنساء ثلاثة منهن متن في حياته جملتهم سبعة فاطمة توفيت بعده بستة أشهر صبر على هذا حتى إن بعض الكفار عيره قال هذا الصنبور معناه الإنسان الذي ليس له عقب أي منقطع العقب لما مات ابنه القاسم الذي يكنى باسمه يقال له أبو القاسم كذلك أصيب بوفاة زوجته خديجة أول امرأة تزوجها وكانت شريفة مطيعة له بارة به ثم كان لما يمشي بين الناس ليدعوهم الى عبادة الله لأن أهل بلده مكة التي هي أفضل بلاد الله أحب البلاد الى الله كان أهلها كلهم كفارا يعبدون الأوثان لأن الإسلام انقطع عنهم قبل ذلك منذ زمان بعد إبراهيم وإسماعيل ابنه بزمان انقطع الإسلام صاروا عبادَ الأوثان هؤلاء كان يمشي فيهم يقول لهم يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا معناه اتركوا ما تعبدونه واعبدوا الله وحده ويقول لهم إني رسوله أرسلني إليكم لأنذر بعذاب الله من لم يؤمن فكانوا يؤذونه بالسب والضرب أحيانا حتى كان أحيانا من ألم ضرب الكفار له يغشى عليه يقع على الأرض من شدة الألم صبر على هذه الحال بعدما نزلت عليه النبوة ثلاثة عشر عاما صبر عليهم ثم اشتد عليه أذى الكفار فأذن الله له بالهجرة من مكة الى المدينة فكان قبل أن ينزل عليه النبوة عندهم محبوبا كانوا يسمونه من شدة حبهم له المأمون معناه الذي لا يخشى منه الخيانة البعيد البعيد من الخيانة لأنهم ما جربوا عليه كذبة ولا رذالة من الرذالات التي هي بالتعلق بالنساء ولا بالكذب في المواعيد ولا في شيء ما وجدوا عليه خيانة ولا رذيلة لذلك كانوا يسمونه المأمون ومع ذلك لما نزل عليه الوحي وقال لهم هذه الأوثان التي تعبدونها اتركوها أنتم في ضلال أنذركم بعذاب الله إن لم تتركوا عبادتها انقلبوا عليه أعداء وكان من أجمل الناس ومع هذا ما تزوج قبل النبوة إلا خديجة خديجة هذه كانت تكبره بالعمر خمس عشر سنة ثم بعد وفاتها تزوج أكثر من واحدة لماذا؟ لينشر دينه من طريق النساء بتعليم هؤلاء الأزواج ينشرن دين الله بتعليم النساء كما كان يسعى بنشر دينه الى الرجال بواسطة الرجال الذين يتعلمون منه لهذه الحكمة عدد الزواج ليس لتعلق قلبه بالنساء هو ما كان متعلق القلب بالنساء لو كان متعلق القلب بالنساء قبل أن يبلغ عمره أربعين سنة كان عرف عنده ميل الى النساء وكانت ظهرت منه رذيلة من الرذائل إنما عدد الزواج لهذا الغرض ليس لتعلق قلبه بالنساء كان يترك زوجته التي كانت أحدث أزواجه سنا وأجملهن عائشة يتركها في دورها على الفراش يذهب الى الجبانة ليدعو لأهل القبور كل ليلة لما يكون في دور عائشة يتركها على الفراش يذهب الى الجبانة وكان دور عائشة بعض الزمن يوما في الأسبوع وبعض الأحيان أقل من ذلك وبعض الأحيان أكثر من ذلك ومما يدل على ذلك أنه عرضت عليه امرأة بنتها وصفتها بالجمال وذكرت عنها أنها كذا وكذا وقالت فيما وصفتها به إنها لم يصدع لها رأس معناه ما أصيبت قط بوجع الرأس فقال لا حاجة لي فيها لماذا؟ لأن الذي لا يصاب بالمصائب لا يبتلى بالأمراض أو الفقر الشديد أو أذى أو غير ذلك من أنواع البلاء قليل الحظ عند الله يعني ما نظر الى الجمال بل نظر الى غير ناحية الجمال قال لا حاجة لي فيها هي رغبت بالتبرك به أن يتزوج بنتها وقال عليه الصلاة والسلام يا أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه حث على العلم لأنه إذا الإنسان تعبد بلا علم يكون ما يفسده أكثر مما يصلحه قد يصلي الواحد الصلاة ولا تكون مقبولة عند الله لأنه دخل فيها خلل وهو لا يشعر وقد يحج الإنسان يتحمل مشقات كثيرة وليس له ثواب بحجه لأنه أخل بأمر لا يتم الحج إلا به أو تكون نيته فاسدة ما صلى وما صام ولا حج إلا ليقال عنه فلان ديّن وكل عمل من أعمال الدين يعمله الإنسان لمحمدة الناس فهو عند الله غير مقبول بل الله لا يقبل من طاعات الإنسان إلا ما عمل له فقط لم يدخله طلب محمدة من الناس حتى يعرف ما هو الأمر الذي يخرج من دين الإسلام من القول والفعل والاعتقاد لأنه إذا لم يتعلم قد يقع في الكفر من غير أن يشعر إما بقول كفري أو بفعل كفري أو اعتقاد كفري ويوجد اليوم بين المسلمين أناس يدعون أنهم أولياء مشايخ طريقة وهم مضلون من تبعهم يخرج من دين الإسلام وهو لا يشعر بل هو يظن أنه صار من الأولياء يوجد أناس يدعون أنهم أولياء الله يتزيون بزي أهل العلم والتقوى وأهل الطريقة أهل التصوف وهم دعاة الى جهنم نذكر لكم بعض من هو على هذه الصفة ممن هو معروف بين الناس من هؤلاء رجل يقال له شيخ ناظم القبرصلي من قبرص أصله يعرف اللغة العربية والتركية ويعرف الإنكليزية هذا له أتباع في لبنان وله هنا أتباع من الألمان ومن الأتراك هذا الرجل أنا أعرفه منذ خمس وثلاثين سنة في دمشق في الشام عند شيخه عرفته عبد الله الداغستاني عبد الله الداغستاني لا يعرف اللغة العربية إلا لغة داغستان هذا ناظم كان يترجم له أنا زرته ناظم يترجم لي عن شيخه بالعربية ثم شيخه هذا من جملة ما قال مما ترجم لي ناظم عنه إن الشيخ محي الدين بن عربي هذا ولي كبير من بلاد الشام له ضريح مقصود حبسه ملك في الغرب في سجن عليه سبعة أبواب ووكل لخدمته جارية عمرها ستة عشر أو ثمانية عشر عاما ثم جاءه روحانية الرسول فقال له انتهت مدتك في الحبس ففكر ماذا يترتب عليه من الحقوق فنظر الى اللوح المحفوظ الذي هو فوق سبع سماوات بمسافة بعيدة الذي كتب فيه كل شيء يحدث في الدنيا فرأى أن هذه الجارية زوجته فجامعها فلما سمعت منه هذه الكلمة قلت له الشيخ محي الدين بن عربي لا يجامع إلا بنكاح شرعي فأطرق سكت قليلا ثم قال هؤلاء يكتفون بنكاح العرش قلت له لا يفعل إلا نكاحا شرعيا ثم سكت قليلا ثم قال هؤلاء لا يشهدون من غيرهم إلا من أهل الديوان يعني طبقة خاصة من الأولياء شهودهم من أولئك لا يشهدون من غيرهم فعرفت أنه دجال فتركته وذهبت ثم بعد ذلك بنحو عشرين سنة جاء شيخه هذا ليداوي عينه الى بيروت فجاء بعض الصحفيين فأعطاه مقالة قال أنا مت قبل هذا فجاء أربعة وعشرون ألف نبي وداروا بي في الجنة ثم ردوني الى الدنيا وأنا لا أموت إلا بعد خروج المهدي بسبع سنين ثم أماته الله بعد ثلاثة أشهر هذا ناظم القبرصلي الذي الآن يدور في انكلترا وألمانيا وتركيا ولبنان ويدعي أنه شيخ يقرب الناس الى الله هذا حاله اعرفوه من تبعه لا يعلمه الدين بل يدخله في الغرور يلف له لفة بيضاء هكذا ويوهمهم أنهم صاروا أولياء الواحد لو اليوم دخل معه يلف له لفة هكذا ويمسكه مسبحة ويقول له اقرأ كذا ويوهمه أنه صار وليا ولهم لفة خاصة بيضاء وفي الوسط طاقية خضراء يعرفون من بين البشر من بين ألف إنسان يعرفون عندهم احتيال غريب للتمويه على الناس لا يعلمهم أمور الدين ولا يرسلهم الى من يتعلمون منهم يتركهم على الغرور يظنون بأنفسهم أنهم صاروا فوق وهم في الحضيض الأسفل ... عليكم وعلى غيركم أن تحذروا من هذا الرجل وأمثاله فمن لم يحذر يكون ءاثما عند الله .اهـ