تدريس العلامة عبد الله الهرري رحمه الله
للعلوم الشرعية

شرع يُلقي الدروس مبكرًا على الطلاب الذين ربما كانوا أكبر منه سنًّا فجمع بين التعلُّم والتعليم فِي ءان واحد، وانفرد فِي أرجاء الحبشة والصومال بتفوّقه على أقرانه فِي معرفة تراجم رجال الحديث وطبقاتهم وحفظ المتون والتبحّر فِي علوم السُّنَّة واللغة والتفسير والفرائض وغير ذلك، حتى إنه لم يترك علمًا من العلوم الإسلامية المعروفة إلا درسه وله فيه باعٌ، وربما تكلّم فِي علم فيظن سامعُه أنه اقتصر عليه فِي الإحكام وكذا سائر العلوم على أنه إذا حُدّث بما يعرف أنصت إنصات المستفيد، فهو كما قال الشاعر: [الكامل]:
وتراه يصغي للحديث بسمعه
                        وبقلبه ولعله أدرى به

دخوله بيروت

دخل أول مرة بيروت حوالي سنة 1372 هـ – 1952ر، فاستضافه كبار مشايخها أمثال الشيخ القاضي محيي الدين العجوز، والشيخ المستشار محمد الشريف، واجتمع فِي بيته بمفتي عكار الشيخ بهاء الدين الكيلاني وسأل الشيخ فِي علم الحديث واستفاد منه، واجتمع أيضًا بالشيخ عبد الوهاب البثوتَاري إمام جامع البسطا الفوقا والشيخ أحمد إسكندراني إمام ومؤذن جامع برج أبي حيدر، وبالشيخ توفيق الهِبري وعنده كان يجتمع بأعيان بيروت، وبالشيخ عبد الرحمـٰن المجذوب، واستفادوا منه، وبالشيخ مختار العلايلي رحمه الله أمين الفتوى السابق الذي أقرَّ بفضله وسعة علمه وهيَّأ له الإقامة على كفالة دار الفتوى فِي بيروت ليتنقّل بين مساجدها مقيمًا الحلقات العلميَّة وذلك بإذن خطَّي منه.
darulfatwa
وفي سنة 1389هـ -1969ر وبطلب من مدير الأزهر فِي لبنان ءانذاك ألقى محاضرة فِي التوحيد فِي طلَّاب الأزهر.

من مؤلفاته

مختصر عبد الله الهرري الكافل بعِلم الدين الضروري على مذهب الإمام الشافعي هو كتاب مختصرٌ جامعٌ لأغلبِ الضروريّاتِ التي لا يجوزُ لكلِّ مكلّفٍ جهلها مِنَ الاعتقادِ، ومسائلَ فقهيّةٍ مِنَ الطهارةِ إلى الحجِّ، وشىءٍ من أحكامِ المعاملاتِ على مذهبِ الإِمامِ الشافعيِّ، ثمّ بيانُ معاصي القلبِ والجوارحِ كاللسانِ وغيرِهِ.

بغية الطالب لمعرفة العِلم الديني الواجب فلما كان كتاب المحدّث الحافظ الشيخ عبد الله الهرري الذي سمّاه: (مختصر عبد الله الهرري الكافِل بعلم الدين الضروري) كتابًا مختصرًا مفردًا في هذا العلم، ولما كانت هذه الفائدة لا يحصّلها طالبها إلاّ بشرح ألفاظها كان كتاب بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب.

الصراط المستقيم إن العلم بالله تعالى وصفاته أجلّ العلوم وأعلاها وأوجبها وأولاها ويسمى علم الأصول وعلم التوحيد وعلم العقيدة، قال تعالى:﴿فاعْلَمْ أنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ واسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ [سورة محمد/19]، ويسمى هذا العلم أيضًا مع أدلته العقلية والنقلية من الكتاب والسنة علم الكلام.
وقد اهتم العلماء الأفاضل بهذا العلم اهتمامًا كبيرًا، قال المحدث الفقيه الأصولي الزركشي في تشنيف المسامع: "إن الأئمة انتدبوا للرد على أهل البدع والضلال، وقد صنّف الشافعي كتاب "القياس" رد فيه على من قال بِقدم العالم من الملحدين، وكتاب "الرد على البراهمة" وغير ذلك، وأبو حنيفة كتاب "الفقه الأكبر"، وكتاب "العالم والمتعلم" رد فيه على المخالفين، وكذلك مالك سئل عن مسائل هذا العلم فأجاب عنها بالطريق القويم، وكذلك الإمام أحمد".