وَجْهُ دِلالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأَمْرُ الْخَارِقُ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَى يَدِ مَنِ ادَّعَوِا النُّبُوَّةَ مَعَ التَّحَدِّي [أَيْ مَعَ كَوْنِهَا صَالِحَةً لِلتَّحَدِّي] مَعَ عَدَمِ مُعَارَضَتِهِ بِالْمِثْلِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِ اللَّهِ صَدَقَ عَبْدِي فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي، أَيْ لَوْلا أَنَّهُ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ لَمَا أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُ هَذِهِ الْمُعْجِزَةَ، فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ صَدَقَ عَبْدِي هَذَا الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي دَعْوَاهُ لِأَنِّي أَظْهَرْتُ لَهُ هَذِهِ الْمُعْجِزَةَ لِأَنَّ الَّذِي يُصَدِّقُ الْكَاذِبَ كَاذِبٌ وَاللَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا خَلَقَهُ لِتَصْدِيقِهِ، إِذْ كُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَقَلْبَ الْعَصَا ثُعْبَانًا وَإِخْرَاجَ نَاقَةٍ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ.
الشَّرْحُ مَعْنَى قَوْلِهِ "نَازِلٌ مَنْزِلَةَ قَوْلِ اللَّهِ صَدَقَ عَبْدِي فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي"، أَيْ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ صَدَقَ عَبْدِي مُوسَى فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي، صَدَقَ عَبْدِي عِيسَى فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي، صَدَقَ عَبْدِي مُحَمَّدٌ فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي.