كتب ومتون كتاب الجنّة ونعيمها
نعيم الجنة

نعيم الجنة

كتاب الجنّة ونعيمها

الجنّة ونعيمها الله سبحانه وتعالى هو الذي يوفّق المؤمن وييسر له سبل الخير والرشاد، فالدخول إلى الجنة يستوجب العمل لها، والعمل للجنة محفوف بالمكاره، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"حُفّت الجنةُ بالمكارهِ وحُفَّت النار بالشهوات" رواه الترمذيّ. ويقول الإمام النووي في شرح هذا الحديث :"قال العلماء هذا من بديع الكلام وفصيحه وجوامعِه التي أوتيَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من التمثّل الحَسن ومعناه: أن الجنة والنار محجوبتان، فمَنْ هتَكَ الحِجابَ وصل إلى المحجوبِ، وهتْكُ حِجابِ الجنةِ يكون باقتحامِ المكارهِ أي الأمورِ التي لا تميلُ النفسُ إليها عادةً بطبعِها، وهتكُ حجابِ النارِ بارتكابِ الشهواتِ المحرَّمة.
وأما المكارهُ فيدخُلُ فيها الاجتهادُ في العباداتِ والمواظبةُ عليها والصبرُ على مشاقّها وكظْمُ الغيطِ والعفو والحِلم والصدقة، والإحسانُ إلى المسيء والصبر عن الشهوات ونحو ذلك.
وأما الشهوات التي حفّت النار بها فهي الشهوات المحرّمة كالخمر والزنا والغيبة واستعمال ءالات اللهو المحرمة ونحو ذلك.
أما الشهوات المباحة فلا تدخُل ضمن هذه، ولكن ينبغي التقليلُ منها خوفًا من أن ينشغل بها الإنسان عن الطاعات، أو تجره هذه المباحات إلى محرمات.
ويقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم :"لمَّا خلقَ اللهُ الجنةَ والنار، أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، فنظر إليها فرجع فقال: وعزّتِك لا يسمع بها أحدٌ إلا دخلها، فأمر بها فحفّت بالمكاره، فقال: اذهب إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي قد حُفّت بالمكاره، فقال: وعزتك، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال: اذهب فانظر إلى النار وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي يركبُ بعضها بعضًا، فرجع فقال: وعزتك لا يدخلها أحد، فأمر بها فحفّت بالشهوات فقال: ارجع فانظر إليها، فنظر إليها فإذا هي قد حفت بالشهوات فرجع وقال: وعزتك، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها" رواه النسائيّ.