كتب ومتون مختصر الهرري
معنى الشهادة الأولى

معنى الشهادة الأولى

مختصر عبد الله الهرري

وَمَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنْ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ، الأَحَدُ الأَوَّلُ الْقَدِيْمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الدَّائِمُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْعَالِمُ الْقَدِيرُ الفَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُنْ، الَّذِي لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِهِ الْمَوْصُوفُ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِي حَقِّهِ.
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)﴾، فَهُوَ الْقَدِيْمُ وَمَا سِوَاهُ حَادِثٌ وَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ. فَكُلُّ حَادِثٍ دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنَ الأَعْيَانِ وَالأَعْمَالِ مِنَ الذَّرَّةِ إِلَى الْعَرْشِ، وَمِنْ كُلِّ حَرَكَةٍ لِلْعِبَادِ وَسُكُونٍ وَالنَّوَايَا وَالْخَوَاطِرِ فَهُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ لَمْ يَخْلُقهُ أَحَدٌ سِوَى اللَّهِ، لا طَبِيعَةٌ وَلا عِلَّةٌ بَلْ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، بِتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ(2)﴾ [سورة الفرقان] أَيْ أَحْدَثَهُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ فَلاَ خَلْقَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (3)﴾ [سورة فاطر] قَالَ النَّسَفِيُّ: فَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ زُجَاجًا بِحَجَرٍ فَكَسَرَهُ، فَالضَّرْبُ وَالْكَسْرُ وَالاِنْكِسَارُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إِلاَّ الْكَسْبُ، وأمّا الخلق فليسَ لغير الله قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [سورة البقرة].
وَكَلامُهُ قَدِيْمٌ كَسَائِرِ صِفَاتِهِ لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُبَايِنٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
فَيَتَلَخَّصُ مِنْ مَعْنَى مَا مَضَى إِثْبَاتُ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْءَانِ إِمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى كَثِيرًا وَهِيَ: الْوُجُودُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ وَالْقِدَمُ أَيِ الأَزَلِيَّةُ وَالْبَقَاءُ وَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ وَالْقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْحَيَاةُ وَالْكَلامُ وتنزههُ عن المُشابَهةِ للحادث. فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ ذِكْرُهَا كَثِيرًا فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا وُجُوبًا عَيْنِيًّا، فَلَمَّا ثَبَتَتِ الأَزَلِيَّةُ لِذَاتِ الله وَجَبَ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةً لأَنَّ حُدُوثَ الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَ الذَّاتِ.

مختصر الهرري

قائمة المختصر