مناسبات إسلامية مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين
 وَصَايا النبيّ صلى الله عليه وسلم في مَرَضِ وفاته

وَصَايا النبيّ صلى الله عليه وسلم في مَرَضِ وفاته

مصيبة المسلمين بموت سيد المرسلين

لا رَيْبَ أَنّ أقوالَ النَّبِيّ العظيم صلى الله عليه وسلم جميعَها موضعٌ للعبرةِ والعِظَةِ والفائدة، لكنّه عليه الصلاة والسلام اختَصَّ أمَّتَهُ ببعضِ النصحِ والوصايا وهو في مرضِ وفاتِهِ صلى الله عليه وسلم وهو مُقْبلٌ على الآخرةِ مُدْبِرٌ عنِ هذه الدُّنيا الفانية، ونذكُرُ بعضًا مِن نصائحه ووَصاياه صلى الله عليه وسلم للاعتبار والعظة:
- الوصيّة بالأنصار:
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أي فِي مَرَض مَوْته) وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ (وهو اللباسُ فوق سائر اللباس) مُتَعَطِّفًا بِهَا (أي مُتَوشّحًا مرتديًا) عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ (أي ما يُشَدُّ به الرأس) دَسْمَاءُ (أي سوداء لكن ليستْ خالصة السواد) حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ - وَكَانَ ءاخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَمَن وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ فَلْيَقْبَلْ مِن مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَن مُسِيئِهِمْ" رواه البخاري.
وهذه الوصية مِنَ الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم تدلُّ على عظيم فضل الأنصار وهم أهل المدينة المنوّرة الذين نَاصروا النبيّ صلى الله عليه وسلم ودعوته وءاوَوْا المهاجرين واحْتَضَنوا دعوةَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ونصروها، وهذه الوصية مِنَ النبيّ عليه الصلاة والسلام بالأنصار تدل على عظيم أخلاق النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ومقابلته المعروف والإحسان بالمثل فَجَزَى الله تعالى نبيّنا محمدًا عن أمته خيرًا على ما نَصَح وَوَصّى وَعَلّم وأرْشَد.
ومِن نَصَائح وَوَصَايا الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ما وَرَدَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ (أي في مرض وفاته صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِن مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْءانَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ (أي حَقِيقٌ وجَدِير) أَن يُسْتَجَابَ لَكُمْ" رواه مسلم.
- الوصيّة بالصلاة وحقوق مِلْك اليمين:
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ ءاخِرُ كَلَامِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "الصلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" رواه ابن ماجه.
كذلك ورد عَنْ أُمّ المؤمنين أُمِّ سَلَمَةَ زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: "الصلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ، رواه ابن ماجه.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِنَفْسِهِ:
"الصلاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" رواه ابن ماجه.
ومعنى وَصِيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التي حَضَّ عليها أمته حَضًّا بليغًا لعظم أهميتها، المحافظة على الصلواتِ بأدائِها كما أمر الله تعالى وعدم تضييعها، والمحافظة على حُقوقِ ما مَلَكتْ أَيْمَانُكم وهم الرقيقُ والعبيدُ الذين لهم في الشريعة الإسلامية أحكامٌ خاصة.
فائدة في أهمية الصلوات الخمس:
ومما ورد عن النبيّ العظيم صلى الله عليه وسلم في فضل الصلاة قوله عليه الصلاة والسلام: "خمسُ صلوات كتبهُنَّ الله على العباد مَنْ أتى بهنَّ بتمامهنَّ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهنَّ فليس له عند الله عهد أن يدخلهُ الجنة إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنّة" رواه الإمام أحمد.
وقد ورد في وعيد تارك الصلاة أنه لا نور له ولا نجاة ولا برهان يوم القيامة وأنه يكون مع فرعون وهامان وقارون وأبيّ بن خلف. ومع ذلك فتاركها كسلًا ليس بخارج من الإسلام بل هو مسلم عاصٍ يستحق العذاب يوم القيامة للحديث المذكور ءانفًا. ومما ورد عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم في وصيّة مالك العبيد بعبيده الأرقاء قوله عليه الصلاة والسلام: "إخوانكم خَوَلُكم (أي حَشَمُكم) مَلّكَكُم الله إيّاهم فمن كان أخوهُ تحت يده فَلْيطْعِمْه ممّا يأكل ولْيُلْبِسْهُ مما يلبَس ولا يكلّفهُ من العمل ما يغلِبُهُ فإن كلفتموهم فأعينوهم" رواه البخاري.

مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين

قائمة مصيبة المسلمين