مناسبات إسلامية مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين
 ذِكْرُ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وصُورتِهِ الخِلْقِيّة الطاهرة

ذِكْرُ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وصُورتِهِ الخِلْقِيّة الطاهرة

مصيبة المسلمين بموت سيد المرسلين

تَتَجَلَّى عَظَمَةُ الرَّسول الأعظم صلى الله عليه وسلم في أنَّ الله تبارك وتعالى كمّل صُورته وخِلْقته، وخَلَقَهُ سُبْحانه وتعالى على صورة بهية وأعطاه جمالا رائعًا في وجهه الشريف لم يعطه سبحانه وتعالى أحدًا غيره من إخوانه الأنبياء، فهو صلى الله عليه وسلم أجمل الخلْق قَاطِبة وهو أجمل الأنبياء صورةً بما فيهم نبي الله يوسف عليه السلام، فلقد كان جَمَالُ وَجْهه عليه الصلاة والسلام مَمْزُوجًا ومَقْرونًا بالهيبة العظيمة ممّا يدل على عُلُوّ قدره صلى الله عليه وسلم ومكانته وجاهه عند خالقه وبارئه على غيره من إخوانه الأنبياء والمرسلين، وفي هذا يقول الرسولُ الأعظمُ صلى الله عليه وسلم: "ما بَعَثَ الله نبيًّا إلا حَسَنَ الوجه حَسَنَ الصوت وإنَّ نبيَّكم - يعني نفسه صلى الله عليه وسلم - أحْسَنُهم وجهًا وأحسنُهم صوتًا" رواه أحمد في مسنده.
وعن جُبير بن مُطْعم رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ﴿وَالطُّورِ (1)﴾ فكاد قلبي يطير - أي من حسن صوته صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في بدء إسلام جبير.
وأمّا عن أوصافه الخِلْقيّة وصُورته البَهيّة التي وردتْ في كتُب الحديث الشريف فهي كما يلي:
كان صلى الله عليه وسلم مرفوعَ القامة، رَبْعَةً معتدلا إلى الطول لم يكن صلى الله عليه وسلم من قصار الرجال ولا من الطِوال، لكنه كان صلى الله عليه وسلم معتدلا إلى الطول أقرب، وكان صلى الله عليه وسلم بعيد ما بين المنكبين أي عريض ما أعْلى الظهر والصدر وهو دليلُ النجابة (والمنكب مجمع العضد والكتف).
كان المصطفى عليه الصلاة والسلام مُشْرقَ الوجه، وَجْهُهُ أبيضُ مشربًا بحمرةٍ (والإشراب خَلْطُ لون بلون كأن أحد اللونين سقي بالآخر)، يقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه في وصف النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم: كان أزهرَ اللون أي أبيضَ مُشربًا بحمرة، رواه البخاري. ويقول واصفه أبو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيتُ شيئًا أحسنَ مِنَ النبيّ صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه" رواه أحمد والترمذي.
كان المصطفى عليه الصلاة والسلام أشكلَ العينين، أي يُخالط بياضَ عينيه خطوط حُمر وهذا محمودٌ ومطلوب، وكان صلى الله عليه وسلم أدعجَ العينين أي عينيه واسعتين، مع كونه صلى الله عليه وسلم شَدِيدَ سواد الحدقة مع شدة بياضها.
وكان النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم دقيق الحاجبين لم يكن غليظهما، وكان حاجباه صلى الله عليه وسلم متقاربين من غير اتصال وكان أهدبَ الأشفار أي كثير شعر الجفون.
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم واسع الجبين، أجلى الجبهة أي أنَّ شعر رأسه غير متدل على جبهته، وكان صلى الله عليه وسلم أقنى الأنف أي ليس في طرف أنفه نتوء عن أعلاه بحيث لا يكونُ جميلًا.
وكان النبيّ المصطفى عليه الصلاة والسلام سَوَاء البطن والصدر، جهير الصوت، طويل الذراع، قوي المشي إذا مشى كأنما ينحط مِن صَبَب أي كأنَّهُ يَنْحدرُ من مكان عالٍ، وكان من قوة مشيه صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفعُ رجليه من الأرض رَفْعًا قويًا مُسْرعًا ولا يمشي صلى الله عليه وسلم اختيالا وكان صلى الله عليه وسلم يقارب خطاه.
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يُقْبلُ ويُدْبرُ بكل جسمه أي بكل أجزاء بدنه إذا التفتَ، فكان صلى الله عليه وسلم لا يسارق النظر ولا يلوي عُنُقَه وإذا تَوَجَّهَ إلى شىء توجه إليه بكليته ولا يُخَالِفُ ببعض جسده بعضًا.
وكان من شَأْنه عليه الصلاة والسلام أنه كان طَيّبَ الرائحة سواء تَطَيّبَ أم لمْ يَتَطَيّبْ، وكان عرقه صلى الله عليه وسلم الذي يرشح عن جسده الشريف كاللؤلؤ في البياض والصفاء، وكان ريحُهُ صلى الله عليه وسلم أَطْيَبَ من المسك، فقد روى خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا مَرَّ في طريق من طرق المدينة وَجَدَ منه رائحة المسك فيقال: مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وورد أيضًا أنَّ الصحابي عتبة بن فرقد قد أصابه مرض الشّرَى في ظهره وهو ورم كالدرهم حكّاك مزعج يُحدث كربًا وإزعاجًا شديدًا لصاحبه، فقال له النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تجرد أي جرّد ظهرك من ثوبك، فلمّا فَعَلَ وَضَع الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم يده عليه فشفي من مرضه بإذن الله تعالى وعبق الطيب به بعد ذلك إلى ءاخر حياته، وكان هذا الطيب أحسن من طيب المسك والعنبر أو غير ذلك من الأطياب.
يقولُ الصحابيُّ الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه في وصف النبيّ صلى الله عليه وسلم: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وَجْهًا وأحسنَهم خُلُقًا.
ورَوَى البيهقي والطبراني عن أبي عبيدة بن محمد بن عمّار بن ياسر قال: قلتُ للرُبَيّع بنت معوّذ: صفي لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. قالت: لو رأيتَهُ لقُلْتَ الشمس طالعة.
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم شديد سواد الشعر لم يظهر في شعره من الشيب إلا نحو عشرين شعرة بعضها في أول رأسه وبعضها في لحيته وما سوى ذلك بقي على لونه الأصلي.
وكان شعرُهُ عليه الصلاة والسلام ليس بالجَعْدِ القَطَط وليس بالسَبِط أي ليس بالشديد الجعودة ولا بالمُنْبَسط المسترسل بل كان شعره صلى الله عليه وسلم بين ذلك. (والقَطَطُ هو شَدِيدُ الجعودة، والسَبِطُ هو المُنْبَسط المُسْتَرْسل).
وكان شَعَرُهُ عليه الصلاة والسلام قد تحلّق حِلَقًا حِلَقًا، وكان أحيانًا يضرب ويصلى إلى أنصاف أذنيه وأحيانًا إلى منكبيه الشريفين.
وكان النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم كَثَّ اللحية أي كثير شعرها غليظهُ.
وكان النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم متماسك البدن لم يكن نحيلًا ولا سمينًا، وكان النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم شَثْنَ الكفين والقدمين أي غليظَهما من غير قصر ولا خشونة (والمرادُ غلظ العضو في الخِلْقة لا خشونة الجلد، وذلك يستلزم قوة في القبض والمشي).

مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين

قائمة مصيبة المسلمين