مناسبات إسلامية مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين
 مَوْقِفُ الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر عند موت النبيّ صلى الله عليه وسلم

مَوْقِفُ الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر عند موت النبيّ صلى الله عليه وسلم

مصيبة المسلمين بموت سيد المرسلين

عندما مات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعظم قائد عرفه التاريخ ذُهِل الصحابة ودهشوا أيّ دهشة وذهول، فقد قام عمر الفاروق رضي الله عنه يقول من دهشتِه وذهوله: "والله ما مَات رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال: إنّ رجالا يزعمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تُوفّي وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات" ثمَّ قال: لَيَبْعَثَنَّه الله فَلْيَقْطَعَنَّ أيديَ رجَالٍ وأَرْجُلَهم.
وأمَّا الصّديقُ أبو بكر رضي الله عنه فعندما أُخْبرَ بموت حبيبه وصاحبه النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم أقبلَ مُسْرِعًا على فرسه من مسكنه فدخل المسجد فلم يُكَلّمْ أحدًا من الناس حتى دَخَلَ حُجْرةَ ابنته السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها وقَصَدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ الرسولَ الأعظم ونبيَّ هذه الأمة وخير رجل وإنسان عرفته الإنسانية والتاريخ صلوات رَبي وسلامه عليه مُسَجّى في ناحية البيت وهو مُغَشًّى ببُردة يَمَنِيّة جميلة، فَكَشَفَ رضي الله عنه عن وَجْهه المُشْرق الجميل صلى الله عليه وسلم، ثم وبحرارة الشوق ولهيب المحبة المُفْعَمتين أكبَّ على حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم يُقَبِلُهُ بين عينيه الشريفتين وصار يبكي ويقول وكله شوق للنبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، والله لا يَجْمَعُ الله عليك مَوْتَتَيْن، أمّا الموتة التي كتبت عليك فقد مُتّها.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاتِهِ فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ وَقَالَ: وَانَبِيَّاهْ وَاخَلِيلَاهْ وَاصَفِيَّاهْ. رواه أحمد.
ثمّ إنَّ أبا بكر رضي الله عنه مِن رباطة جأشِه وقوةِ صبره وثباته ويقينه خرج إلى الصحابة الذين كانوا لموت نبيّهم عليه الصلاة والسلام في غاية الاضطراب، وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينهم مضطربًا اضطرابًا شديدًا يَحْلفُ لهم أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما مَاتَ، فلمَّا خَرَجَ أبو بكر رضي الله عنه إلى النَّاس قال لعمر رضي الله عنه: أيّها الحَالِفُ على رِسْلِكَ (أي هِيْنَتِك ولا تَسْتَعْجل) وأمره بالجلوس، ولكنَّ عمر رضي الله عنه لذهوله ودهشته أَبَى إلا أن يتكلم ولم يَجْلسْ، عندها أقبلَ أبو بكر رضي الله عنه على النَّاس يكلمهم، فلمّا تكلم رضي الله عنه هَدَأ عمر رضي الله عنه وجَلَس وأقبل الصحابةُ إلى أبي بكر رضي الله عنه وهو يكلمهم، فحمدَ الله تعالى وأثنى عليه ثمّ قال قولته المشهورة: "أيُّها النّاس إنَّه مَن كان يعبد محمدًا فإنَّ محمدًا قد مات، ومَن كان يَعْبدُ الله فإنَّ الله حَيٌّ لا يموت".
ثمّ تَلَا قولَ الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)﴾ [سورة ءال عمران].
وعندما قرأ أبو بكر رضي الله عنه هذه الآية الكريمة على الصحابة الكرام فكأنهم لم يعلموا أنَّ الله تعالى أنزل هذه الآية، فَتَلقَّاها منه الصحابة كلهم وصاروا يَتْلُونها ويُردّدُونها حتى قال عمر الفاروق رضي الله عنه: والله ما هو إلا أن سَمِعْتُ أبا بكر تلاها فَعَقِرْتُ (أي دَهَشْتُ) حتى ما تُقِلُّني (أي ما تحملني) رِجْلايَ وحتى أَهْوَيْتُ إلى الأرضِ حين سَمِعْتُهُ تلاها علمتُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد مات.
وأمّا السيدةُ الجليلة فاطمة الزهراء بنت النبيّ المصطفى عليه الصلاة والسلام فقد قالت رضي الله عنها عند وفاة أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم: "يا أبَتاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاه، يا أَبَتاهُ جنّةُ الفردوس مأواه، يا أَبَتاهُ إلى جبريل أنعاه".
ومِمَّا قَالت السَّيدةُ فاطِمةُ رضي الله عنها في رَثَاءِ أَبِيهَا النبيّ الأعْظَمِ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ بعد وفاته:
اِغبَرَّ ءافاقُ السَّماءِ وكُوّرَتْ ***** شَمْسُ النَّهَارِ وَأظْلَمَ العَصْرَانِ
فَالأرْضُ مِنْ بَعْدِ النَّبيّ كَئِيْبَةٌ ***** أسَفًا عَلَيْهِ كَثِيرَةُ الرُّجْفَانِ
فَلْيَبْكِهِ شَرْقُ البِلادِ وَغَرْبُهَا ***** وَلْتَبْكِهِ مُضَرٌ وَكُلُّ يَمَانِيِ
وَلْيَبْكِهِ الطَّوْدُ المُعَظَّمُ جوُّهُ ***** وَالبَيْتُ ذُو الأَسْتَارِ وَالأَرْكَانِ
يا خَاتَمَ الرُّسْلِ المبَارَك ضَوْؤُهُ ***** صلى عَلَيْكَ مُنَزّلُ الفُرْقَانِ
ومِمّا قالته صَفِيّةُ بنت عبد المطّلب عَمّةُ النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي ترثي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنَّ حزني على النبي طويل ***** وذاك مني على الرسول قليل
بكت الأرض والسماءُ عليه ***** وبكاهُ نديمه جبريل

مصيبة المسلمين بموت سيّد المرسلين

قائمة مصيبة المسلمين