كتب ومتون القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري
أحكام المرتد

أحكام المرتد

القَوْلُ الجَلِىُّ فِى حَلِّ أَلفَاظِ مُخْتَصَرِ عَبْدِ اللَّهِ الهَرَرِى

وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَقْسَامَ الرِّدَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلامِ عَلَى أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِ.
(يَجِبُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي الرِّدَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (الْعَوْدُ فَوْرًا إِلَى) دِينِ (الإِسْلامِ) وَيَكُونُ ذَلِكَ (بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ) وَهُمَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أوْ مَا يُعْطِى مَعنَاهُمَا وَلَو بِغَيرِ العَرَبِيَةِ (وَالإِقْلاعِ) أَيِّ الْكَفِّ (عَمَّا) أَيْ عَنِ الشَّىْءِ الَّذِي (وَقَعَتْ) أَيْ حَصَلَتْ (بِهِ الرِّدَّةُ) فَإِنْ تَرَكَ الأَمْرَ الَّذِي ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ (وَيَجِبُ عَلَيْهِ) زِيَادَةً عَلَى رُجُوعِهِ لِلإِسْلامِ حَتَّى يَسْلَمَ مِنَ الإِثْمِ شَيْئَانِ الأَوَّلُ (النَّدَمُ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ( بِأَنْ يَسْتَشْعِرَ فِي قَلْبِهِ كَرَاهِيَةَ مَا صَدَرَ مِنْهُ (وَ) الثَّانِي (الْعَزْمُ) أَيِ التَّصْمِيمُ بِالْقَلْبِ (عَلَى أَنْ لا يَعُودَ لِمِثْلِهِ) أَيْ لِلْكُفْرِ فَإِنْ لَمْ يَنْدَمْ أَوْ لَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِهِ أَنَّهُ لا يَعُودُ لِلْكُفْرِ صَحَّ إِسْلامُهُ مَعَ الإِثْمِ وَأَمَّا مَنْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ (فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ كُفْرِهِ) وَرِدَّتِهِ (بِالشَّهَادَةِ) أىْ بِالنُّطقِ بِهَا (وَجَبَتِ اسْتِتَابَتُهُ) أَيْ طَلَبُ التَّوْبَةِ مِنْهُ فَيَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْخَلِيفَةُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ الرُّجُوعَ إِلَى الإِسْلامِ (وَلا يَقْبَلُ مِنْهُ) الْخَلِيفَةُ أَوِ الْقَائِمُ مَقَامَهُ (إِلاَّ) الرُّجُوعَ إِلَى (الإِسْلامِ أَوِ الْقَتْلَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ وَذَلِكَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِنَحْوِ سَيْفٍ إِنْ لَمْ يَتُبْ، وَهَذَا الْحُكْمُ (يُنَفِّذُهُ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (بَعْدَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إِلَى الإِسْلامِ) وَأَمَّا قَبْلَ الاِسْتِتَابَةِ فَلا يَجُوزُ (وَيَعْتَمِدُ الْخَلِيفَةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إِثْبَاتِ وَقُوعِهِ فِي الرِّدَّةِ (عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) ذَكَرَيْنِ (عَدْلَيْنِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ) أَيْ اعْتِرَافِ الْمُرْتَدِّ (وَذَلِكَ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) اهـ أَيْ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلامِ إِلَى غَيْرِهِ فَاقْتُلُوهُ إِنْ أَمَرْتُمُوهُ بِالرُّجُوعِ وَلَمْ يَرْجِعْ.
(وَ) مِنْ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ أَنَّهُ (يَبْطُلُ بِهَا) أَيْ بِالرِّدَّةِ (صَوْمُهُ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنَ الْكَافِرِ (وَ) يَبْطُلُ أَيْضًا (تَيَمُّمُهُ) بِخِلافِ وُضُوئِهِ فَمَنِ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ وَلَمْ يُحْدِثْ فَوُضُوؤُهُ صَحِيحٌ (وَ) يَبْطُلُ أَيْضًا عَقْدُ (نِكَاحِهِ) بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الرِّدَّةِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيِ الْوَطْءِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ فَلا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ (وَكَذَا) يَبْطُلُ إِذَا حَصَلَتِ الرِّدَّةُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ (إِنْ لَمْ يَعُدِ) الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا (إِلَى الإِسْلامِ فِي) مُدَّةِ (الْعِدَّةِ) فَيَحْتَاجُ إِلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالْعِدَّةُ ثَلاثَةُ أَطْهَارٍ لِذَوَاتِ الْحيْضِ وَثَلاثَةُ أَشْهُرٍ قَمَرِيَّةٍ لِمَنْ لا تَحِيضُ وَلِلْحَامِلِ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا.
(وَ) الْمُرْتَدُّ (لا يَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ عَلَى مُسْلِمَةٍ وَ) لا عَلَى (غَيْرِهَا) وَلَوْ مُرْتَدَّةً مِثْلَهُ (وَ) مِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ (تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ) وَحُكْمُهَا أَنَّهَا مَيْتَةٌ (وَلا يَرِثُ) مَنْ مَاتَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ الْمُسْلِمِينَ (وَلا يُورَثُ) إِذَا مَاتَ هُوَ فَلا يَرِثُهُ أَقْرِبَاؤُهُ الْمُسْلِمُونَ وَلاَ غَيرَهُم (وَلا) يَجُوزُ أَنْ (يُصَلَّى عَلَيْه) لِكُفْرِهِ (وَلا) يَجِبُ أَنْ (يُغَسَّلَ) وَيَجُوزُ ذَلِكَ (وَلا) أَنْ (يُكَفَّنَ) وَيَجُوزُ ذَلِكَ (وَلا) يَجُوزُ أَنْ (يُدْفَنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ) لأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ (وَمَالُهُ) بَعْدَ مَوْتِهِ (فَيْءٌ أَيْ لِبَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (بَيْتُ مَالٍ مُسْتَقِيمٌ أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ) بَيْتُ مَالٍ مُسْتَقِيمٌ كَحَالِ الْمُسْلِمِينَ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ حَتَّى الْيَوْمَ (فَإِنْ تَمَكَّنَ رَجُلٌ صَالِحٌ) أَمِينٌ عَارِفٌ بِمَصَارِفِ هَذَا الْمَالِ (مِنْ أَخْذِهِ وَصَرْفِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَ ذَلِكَ).

القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري

قائمة القول الجليّ