(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الصَّلاةِ.
(أَرْكَانُ الصَّلاةِ سَبْعَةَ عَشَرَ) رُكْنًا فَالرُّكْنُ (الأَوَّلُ) هُوَ (النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ لِلْفِعْلِ) أَيْ لِفِعْلِ الصَّلاةِ فَلَوْ لَمْ يُجْرِ لَفْظًا عَلَى لِسَانِهِ لَمْ يَضُرَّهُ إِنِ اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ بِقَلْبِهِ، وَلا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّكْبِيرِ (وَيُعَيِّنَ) فِي النِّيَّةِ الصَّلاةَ (ذَاتَ السَّبَبِ) كَالْخُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ (أَوْ) ذَاتَ (الْوَقْتِ) كَالْعَصْرِ وَالضُّحَى (وَ) لا بُدَّ أَنْ (يَنْوِيَ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْفَرْضِ) فَتَكُونَ النِّيَّةُ مَثَلاً أُصَلِّي فَرْضَ الْعَصْرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، (وَ) الرُّكْنُ الثَّانِي هُوَ أَنْ (يَقُولَ) الْمُصَلِّي (بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ كَكُلِّ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) مِثْلِ الْفَاتِحَةِ وَالتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لا يَمُدَّ الْهَمْزَةَ فِي أَوَّلِ لَفْظِ الْجَلالَةِ وَلا الْبَاءَ وَأَنْ لا يَزِيدَ وَاوًا قَبْلَ لَفْظِ الْجَلالَةِ أَوْ بَيْنَ لَفْظِ الْجَلالَةِ وَكَلِمَةِ أَكْبَر وَأَنْ لا يُبْدِلَ هَمْزَةَ أَكْبَرَ بِوَاوِ فَإِنْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاتُهُ (وَهُوَ) أَيِ التَّكْبِيرُ (ثَانِي أَرْكَانِهَا) أَيْ الصَّلاةِ كَمَا مَرَّ، وَالرُّكْنُ (الثَّالِثُ) هُوَ (الْقِيَامُ فِي الْفَرْضِ) وَلَوْ نَذْرًا وَجِنَازَةً (لِلْقَادِرِ) عَلَيْهِ، وَشَرْطُ الْقِيَامِ الاِعْتِمَادُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَنَصْبُ فَقَارِ ظَهْرِهِ وَأَمَّا غَيْرُ الْقَادِرِ فَيُصَلِّي قَاعِدًا فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى جَنْبٍ فَإِنْ عَجَزَ فَمُسْتَلْقِيًا، وَالرُّكْنُ (الرَّابِعُ) هُوَ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْفَاتِحَةِ) لِلْمُنْفَرِدِ وَالإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَيُشْتَرَطُ قِرَاءَةُ جَمِيعِ ءَايَاتِهَا (بِالْبَسْمَلَةِ) فَإِنَّهَا أَوَّلُ ءَايَاتِهَا (وَ) لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ (بِالتَّشْدِيدَاتِ) وَعَدَدُهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً (وَيُشْتَرَطُ) مُرَاعَاةُ (مُوَالاتِهَا) بِأَنْ لا يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ (وَ) مُرَاعَاةُ (تَرْتِيبِهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ (وَ) مُرَاعَاةُ (إِخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا) وَأَوْلَى الْحُرُوفِ عِنَايَةً بِذَلِكَ الصَّادُ إِذْ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لا يُخْرِجُونَهَا مِنْ مَخْرَجِهَا فَيُخْرِجُونَهَا بَيْنَ السِّينِ وَالصَّادِ لا هِيَ سِينٌ مَحْضَةٌ وَلا صَادٌ مَحْضَةٌ (وَعَدَمُ اللَّحْنِ) أَيِ الْخَطَأِ فِي الْقِرَاءَةِ (الْمُخِلِّ بِالْمَعْنَى) أَيِ الْمُغَيِّرِ أَوِ الْمُبْطِلِ لَهُ فَالْمُغَيِّرُ (كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ) أَوْ كَسْرِهَا وَالْمُبْطِلُ كَقِرَاءَةِ الَّذِينَ بِالزَّايِ بَدَلَ الذَّالِ فَإِنَّهُ لا مَعْنًى لَهُ، (وَيَحْرُمُ اللَّحْنُ الَّذِي لَمْ يُخِلَّ) كَكَسْرِ نُونِ نَعْبُدُ (وَلا يُبْطِلُ) الصَّلاةَ، وَالرُّكْنُ (الْخَامِسُ) هُوَ (الرُّكُوعُ) وَذَلِكَ (بِأَنْ يَنْحَنِيَ) الْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِ انْخِنَاسٍ1 (بِحَيْثُ تَنَالُ) أَيْ تَبْلُغُ (رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ) لَوْ وَضَعَهُمَا عَلَيهمَا مَعَ اعْتِدَالِ الْخِلْقَةِ فَلا يَكْفِي بُلُوغُ الأَصَابِعِ وَحْدَهَا، وَالرُّكْنُ (السَّادِسُ) هُوَ (الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ) الطُّمَأْنِينَةُ (هِيَ سُكُونُ كُلِّ عَظْمٍ) وَاسْتِقْرَارُهُ (مَكَانَهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً)، وَالرُّكْنُ (السَّابِعُ) هُوَ (الاِعْتِدَالُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَعُودَ الرَّاكِعُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَائِمًا فَيَكُونُ اعْتِدَالُهُ (بِأَنْ يَنْتَصِبَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَائِمًا) وَهَكَذَا، وَالرُّكْنُ (الثَّامِنُ) هُوَ (الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الاِعْتِدَالِ، وَالرُّكْنُ (التَّاسِعُ) هُوَ (السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَذَلِكَ (بِأَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ) وَهِيَ مَا بَيْنَ الْجَبِينَيْنِ (كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مُصَلاَّهُ) أَيْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ حَالَةَ كَوْنِهَا (مَكْشُوفَةً وَمُتَثَاقِلا بِهَا) بِحَيْثُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ قُطْنٌ لانْكَبَسَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى يَدِهِ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ الْقُطْنِ (وَ) أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ (مُنَكِّسًا أَيْ) بِأَنْ (يَجْعَلَ أَسَافِلَهُ أَعْلَى مِنْ أَعَالِيهِ وَ) يُشْتَرَطُ أَنْ (يَضَعَ شَيْئًا) وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا (مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) عَلَى مُصَلاَّهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَكْشُوفَةً (وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) الشَّافِعِيِّ وَهُمُ الْحَنَابِلَةُ (لَيْسَ شَرْطًا فِي السُّجُودِ التَّنْكِيسُ فَلَوْ) سَجَدَ بِحَيْثُ (كَانَ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ دُبُرِهِ صَحَّتِ الصَّلاةُ عِنْدَهُمْ)، وَالرُّكْنُ (الْعَاشِرُ) هُوَ (الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ، وَالرُّكْنُ (الْحَادِي عَشَرَ) هُوَ (الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)، وَ(الثَّانِي عَشَرَ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) وَالرُّكْنُ (الثَّالِثَ عَشَرَ) هُوَ (الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالسَّلامِ)، وَالرُّكْنُ (الرَّابِعَ عَشَرَ) هُوَ (التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ فَيَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَهُوَ أَكْمَلُ التَّشَهُّدِ (أَوْ) يَقُولُ (أَقَلَّهُ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَالرُّكْنُ (الْخَامِسَ عَشَرَ) هُوَ (الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَلُّهَا) أَيِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) أَوْ نَحْوُهُ مِثْلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالرُّكْنُ (السَّادِسَ عَشَرَ) هُوَ (السَّلامُ) الأَوَّلُ (وَأَقَلُّهُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الإِتْيَانُ بَأَل وَبِمِيمِ عَلَيْكُمْ وَالْمُوَالاةُ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ، وَالرُّكْنُ (السَّابِعَ عَشَرَ) هُوَ (التَّرْتِيبُ) لأِرْكَانِ الصَّلاةِ كَمَا ذُكِرَتْ (فَإِنْ تَعَمَّدَ) الْمُصَلِّي (تَرْكَهُ) أَيِ التَّرْتِيبِ بِأَنْ قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا هُوَ السَّلامُ أَوْ رُكْنًا فِعْلِيًّا عَلَى مَحَلِّهِ (كَأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ) صَلاتُهُ لِتَلاعُبِهِ (وَإِنْ سَهَا) بِتَرْكِهِ التَّرْتِيبَ (فَلْيَعُدْ إليه) أَيْ إِلَى الْمَتْرُوكِ وَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ (إِلاَّ أَنْ يَكُونَ) السَّاهِي لَمْ يَتَذَكَّرْ تَرْكَ الرُّكْنِ إِلاَّ بَعْدَ شُرُوعِهِ (فِي) رُكْنٍ (مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ (أَوْ) لَمْ يَتَذَكَّرْ إِلاَّ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي رُكْنٍ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ (فَتَتِمُّ بِهِ) أَيْ بِمِثْلِ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ (رَكَعَتُهُ) الَّتِي نَقَصَ مِنْهَا رُكْنًا (وَلَغَا) حِينَئِذٍ (ما سَهَا بِهِ) أَيْ مَا فَعَلَهُ حَالَةَ سَهْوِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَتْرُوكِ وَالْمِثْلِ الْمَفْعُولِ الَّذِي تَمَّتْ بِهِ الرَّكْعَةُ (فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَرْكَهُ لِلرُّكُوعِ) مَثَلاً (إِلاَّ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِي الْقِيَامِ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ فِي السُّجُودِ الَّذِي بَعْدَهُ) تَمَّتْ بِرُكُوعِهِ رَكْعَتُهُ وَ(لَغَا مَا فَعَلَهُ بَيْنَ ذَلِكَ).
-------------