(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا (فَمِنَ الْوَاجِبِ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ أَوْ رَوَاتِبَ الْفَرَائِضِ لَمْ يَكُنْ ءَاثِمًا. وَلَمَّا كَانَتْ مَعْرِفَةُ أَوْقَاتِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ وَاجِبَةً عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَيَانِهَا فَأَمَّا الصَّلاةُ الأُولَى فَهِيَ صَلاةُ (الظُّهْرُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) أَيْ مَالَتْ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا (إِلَى مَصِيرِ) أَيْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ (ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ) أَيْ زَائِدًا عَلَى ظِلِّ الشَىْءِ حَالَةَ الاِسْتِوَاءِ إِنْ كَانَ، فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّاخِصِ مِثْلَ الشَّاخِصِ زَائِدًا عَلَى ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ فَقَدْ انْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَظِلُّ الاِسْتِوَاءِ هُوَ الظِّلُّ الَّذِي يَكُونُ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ. (وَ) أَمَّا الصَّلاةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ صَلاةُ (الْعَصْر وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الظُّهْرِ) بِلا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا وَيَمْتَدُّ (إِلَى مَغِيبِ) كَامِلُ قُرْصِ (الشَّمْسِ). (وَ) أَمَّا الصَّلاةُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ صَلاةُ (الْمَغْرِبِ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ مَغِيبِ) كَامِلِ قُرْصِ (الشَّمْسِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ) وَهُوَ حُمْرَةٌ تَظْهَرُ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فِي جِهَةِ الْغُرُوبِ. (وَ) أَمَّا الصَّلاةُ الرَّابِعَةُ فَهِيَ صَلاةُ (الْعِشَاءِ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ) وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ الَّذِي يَبْدُو دَقِيقًا ثُمَّ يَنْتَشِرُ وَيَتَوَسَّعُ. وَخَرَجَ بِالصَّادِقِ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ فَإِنَّ ظُهُورَهُ لَيْسَ عَلامَةً عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْعِشَاءِ. (وَ) أَمَّا الصَّلاةُ الْخَامِسَةُ فَهِيَ صَلاةُ (الصُّبْحِ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْعِشَاءِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى طُلُوعِ) أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ (الشَّمْسِ فَتَجِبُ) مَعْرِفَةُ أَوْقَاتِ (هَذِهِ الْفُرُوضِ) الْخَمْسَةِ وَإِيقَاعُهَا (فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) يَخْرُجُ بِهِ الْكَافِرُ الأَصْلِيُّ فَلا تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ فِي الدُّنْيَا (بَالِغٍ) يَخْرُجُ بِهِ مَنْ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ (عَاقِلٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَجْنُونِ (طَاهِرٍ أَيْ غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَحْرُمُ تَقْدِيْمُهَا عَلَى وَقْتِهَا) لِغَيْرِ عُذْرٍ فَمَنْ قَدَّمَهَا بِلاَ عُذرٍ لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا (تَأْخِيرُهَا عَنْهُ) أَيْ عَنِ الْوَقْتِ (لِغَيْرِ عُذْرٍ) فَمَنْ أَخَّرَهَا عَصَى اللَّهَ بِذَلِكَ مَعَ صِحَّةِ الصَّلاةِ وَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَنَحْوِهِ فَلا إِثْمَ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ طَرَأَ مَانِعٌ) يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الصَّلاةِ (كَحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ وَكَانَ طُرُوءُهُ (بَعْدَمَا مَضَى مِنْ) أَوَّلِ (وَقْتِهَا) أَيْ وَقْتِ الصَّلاةِ الَّتِي طَرَأَ فِيهَا الْمَانِعُ (مَا يَسَعُهَا) أَيْ مَا يَسَعُ الصَّلاةَ فَقَطْ إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ تَقْدِيْمُ طُهْرِهِ عَلَى الْوَقْتِ أَوْ مَا يَسَعُ الصَّلاةَ (وَطُهْرَهَا) لِمَنْ لا يُمْكِنُهُ تَقْدِيْمُ طُهْرِهِ عَلَى الْوَقْتِ أَيْ (لِنَحْوِ سَلِسٍ) وَمُسْتَحَاضَةٍ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) فِي الْحَالَيْنِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ (أَوْ زَالَ الْمَانِعُ) مِنْ وُجُوبِ الصَّلاةِ (وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ قَوْلِ الْقَائِلِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لا أَقَلُّ (لَزِمَتْهُ) أَيْ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ (مَا) أَيِ الصَّلاةُ الَّتِي (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الصَّلاةِ الَّتِي زَالَ الْمَانِعُ فِي وَقْتِهَا (إِنْ جُمِعَتْ مَعَهَا) لِلْعُذْرِ أَيْ إِنْ كَانَتِ الصَّلاةُ الَّتِي قَبْلَهَا يَجُوزُ جَمْعُهَا مَعَ الصَّلاةِ الَّتِي زَالَ الْمَانِعُ فِي وَقْتِهَا فِي حَالِ الْعُذْرِ كَالسَّفَرِ (فَيَجِبُ الْعَصْرُ مَعَ الظُّهْرِ) لأَنَّهَا تُجْمَعُ مَعَهَا لِلْعُذْرِ (إِنْ زَالَ الْمَانِعُ) كَالْحَيْضِ وغَيْرِهِ (بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَ) تَجِبُ (الْعِشَاءُ مَعَ الْمَغْرِبِ) لأَنَّهَا تُجْمَعُ مَعَهَا لِلْعُذْرِ (بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ بِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ دُخُولِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لا أَقَلَّ.