(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَصَلاةِ الْجِنَازَةِ.
(غَسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ) بَعْدَ الْغَسْلِ (وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ (إِذَا كَانَ) الْمَيِّتُ (مُسْلِمًا) وَلَوْ طِفْلاً إِذَا (وُلِدَ حَيًّا) بِأَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِنَحْوِ صِيَاحٍ أَوْ تَحَرُّكٍ اخْتِيَارِيٍّ وَأَمَّا الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَلا يَجِبُ لَهُمَا شَىْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
(وَوَجَبَ لِذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ يَدْفَعُ الْجِزْيَةَ لِخَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ (تَكْفِينٌ وَدَفْنٌ) إِنْ لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ أَهْلُ مِلَّتِهِ لَكِنْ لا يَكُونُ دَفْنُهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. (وَ) وَجَبَ (لِسِقْطٍ مَيِّتٍ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (غَسْلٌ وَكَفَنٌ وَدَفْنٌ) إِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ خِلْقَةُ ءَادَمِيٍّ وَإِلاَّ نُدِبَ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ (وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الذِّمِّيِّ والسِّقْطِ.
(وَمَنْ مَاتَ) مُسْلِمًا (فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ) وَلَوْ كَافِرًا وَاحِدًا (بِسَبَبِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (كُفِّنَ فِي ثِيَابِهِ) الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ نَدْبًا (فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ) ثِيَابُهُ هَذِهِ (زِيدَ عَلَيْهَا) إِلَى ثَلاثِ لَفَائِفَ (وَدُفِنَ) فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ (وَلا يُغَسَّلُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ) وَذَلِكَ لأِنَّهُ شَهِيدُ مَعْرَكَةٍ.
(وَأَقَلُّ الْغُسْلِ) لِلْمَيِّتِ (إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ) إِنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ (وَتَعْمِيمُ) أَيِ اسْتِيعَابُ (جَمِيعِ) جَسَدِهِ (بَشَرِهِ وَشَعَرِهِ وَإِنْ كَثُفَ) الشَّعَرُ (مَرَّةً) وَاحِدَةً (بِالْمَاءِ) الطَّاهِرِ (الْمُطَهِّرِ) وَالأَفْضَلُ التَّثْلِيثُ.
(وَأَقَلُّ الْكَفَنِ) لِلْمَيِّتِ (سَاتِرٌ) يَسْتُرُ (جَمِيعَ الْبَدَنِ) إِلاَّ رَأْسَ مُحْرِمٍ وَوَجْهَ مُحْرِمَةٍ فَلا يُسْتَرَانِ (وَثَلاثُ لَفَائِفَ لِمَنْ تَرَكَ تَرِكَةً زَائِدَةً عَلَى دَيْنِهِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَصْلاً (وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهَا) أَي بِتَرْكِ تَكْفِينِهِ بِالثَّلاثِ فَإِنْ أَوْصَى بِتَرْكِ تَكْفِينِهِ بِالثَّلاثِ فَالْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ تَكْفِينُهُ بِالسَّاتِرِ لِلْبَدَنِ (وَأَقَلُّ الصَّلاةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ وَالفَرْضَ وَيُعَيِّنَ) أَنَّهُ يُصَلِّي الْجِنَازَةَ (وَيَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ قَائِمٌ إِنْ قَدَرَ ثُمَّ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ) وَلا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى وَلَوْ أَخَّرَهَا لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ. وَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ شُرُوطِ الْفَاتِحَةِ كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. (ثُمَّ) يُكَبِّرَ مَرَّةً ثَانِيَةً أَيْ (يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَقُولَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) وَلَيْسَ لَهُ تَقْدِيْمُ الصَّلاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ بَلْ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ (ثُمَّ) يُكَبِّرَ مَرَّةً ثَالِثَةً أَيْ (يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ) وَيَدْعُوَ لِلْمَيِّتِ بِخُصُوصِهِ بِدُعَاءٍ أُخْرَوِيٍّ مِنْ نَحْوِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ) وَالأَكْمَلُ الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ1 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ) يُكَبِّرَ مَرَّةً رَابِعَةً أَيْ (يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ) ثُمَّ يُسَلِّمَ فَيَقُولَ (السَّلامُ عَلَيْكُمْ) وَالأَحْسَنُ الْعَوْدُ إِلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ.
(وَلا بُدَّ فِيهَا) أَيْ صَلاةِ الْجِنَازَةِ (مِنَ) اسْتِيفَاءِ (شُرُوطِ الصَّلاةِ) كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالطَّهَارَةِ (وَتَرْكِ الْمُبْطِلاتِ) فَمَا أَبْطَلَ الصَّلاةَ أَبْطَلَهَا.
(وَأَقَلُّ الدَّفْنِ) لِلْمَيِّتِ أَنْ يُدْفَنَ فِي (حُفْرَةٍ تَكْتُمُ رَائِحَتَهُ) بَعْدَ رَدْمِهَا (وَتَحْرُسُهُ مِنَ السِّبَاعِ) أَنْ تَنْبُشَهُ وَتَأْكُلَ جَسَدَهُ. (وَيُسَنُّ) لِلإِتْيَانِ بِالأَكْمَلِ (أَنْ يُعَمَّقَ) الْقَبْرُ (قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ) بِأَنْ يَقُومَ فِيهِ وَيَبْسُطَ يَدَهُ مُرْتَفِعَةً وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ (وَ) أَنْ (يُوَسَّعَ) الْقَبْرُ. (وَيَجِبُ تَوْجِيهُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ أَيْ تَوْجِيهُ صَدْرِهِ (إِلَى الْقِبْلَةِ) بِأَنْ يُضْجَعَ عَلَى جَنْبِهِ مُسْتَقْبِلاً الْقِبْلَةَ.
(وَلا يَجُوزُ الدَّفْنُ فِي الْفِسْقِيَّةِ) وَهِيَ بِنَاءٌ يُدْخَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ عَلَى ءَاخَرَ قَبْلَ بِلاهُ وَلا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ.
-------------