(يَجِبُ عَلَى كَافَّةِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمُكَلَّفِينَ) جَمْعُ مُكَلَّفٍ وهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي بَلَغَهُ أَصْلُ دَعْوَةِ الإِسْلامِ أَيْ مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (الدُّخُولُ فِي دِينِ الإِسْلامِ) فَوْرًا إِنْ كَانَ كَافِرًا (وَالثُّبُوتُ) أَيِ الْمُلازَمَةُ (فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ) بِحَيْثُ يَخْلُوَ قَلْبُهُ عَنْ أَيِّ عَزْمٍ عَلَى تَرْكِ الإِسْلامِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ تَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أو تَرَدَّدَ فِى ذَلِكَ كَفَرَ فِي الْحَالِ. (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (الْتِزَامُ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ (مِنَ الأَحْكَامِ) الَّتِى أَلْزَمَهُ بِهَا الشَّرْعُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبَ جَمِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ. فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِىَّ الَّذِى مَاتَ دُونَ الْبُلُوغِ لَيْسَ عَلَيْهِ مَسْئُولِيَّةٌ فِي الآخِرَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ جُنَّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَاتَّصَلَ جُنُونُهُ إِلَى مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَلَيْسَ مُكَلَّفًا وَكَذَلِكَ الَّذِي عَاشَ بَالِغًا عَاقِلاً وَلَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الإِسْلامِ أَيْ أَصْلُ الدَّعْوَةِ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ فَمَنْ سَمِعَ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الأَذَانِ وَهُوَ يَفْهَمُ الْعَرَبِيَّةَ وَكَانَ بَالِغًا عَاقِلاً فَهُوَ مُكَلَّفٌ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ الأَبَدِيَّ فِي النَّارِ.
(فَمِمَّا يَجِبُ) عَلَى الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا (عِلْمُهُ وَاعْتِقَادُهُ) بِأَنْ يُذْعِنَ قَلْبُهُ لَهُ وَيَرْضَى بِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ (وَالنُّطْقُ بِهِ) بِاللِّسَانِ (فِي الْحَالِ إِنْ كَانَ) الْمُكَلَّفُ (كَافِرًا) أَصْلِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا (وَإِلاَّ) بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا (فَفِي الصَّلاةِ الشَّهَادَتَانِ وَهُمَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)