وَبِمَا أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ هُمَا أَصْلُ الدَّعْوَةِ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُمَا وَلِذَا بَدَأَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِشَرْحِ الشَّهَادَةِ الأُولَى فَقَالَ (وَمَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ) أَيْ أُذْعِنُ بِقَلْبِي (وَأَعْتَرِفُ) بِلِسَانِي (أَنْ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللَّهُ) أَيْ أَنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ أَنْ يُعْبَدَ أَيْ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ إِلاَّ اللَّهُ إِذْ إِنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ أَقْصَى غَايَةِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ اللُّغَوِيُّ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ1، فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الْعِبَادَةِ مُجَرَّدَ الطَّاعَةِ أَوِ النِّدَاءِ أَوِ الاِسْتِغَاثَةِ أَوِ الاِسْتِعَانَةِ أَوِ الْخَوْفِ أَوِ الرَّجَاءِ كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ.
-------------