كتب ومتون القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري
أحكام المعاملات

أحكام المعاملات

القَوْلُ الجَلِىُّ فِى حَلِّ أَلفَاظِ مُخْتَصَرِ عَبْدِ اللَّهِ الهَرَرِى

(كِتَابُ الْمُعَامَلاتِ)
بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْمُؤَلِّفُ الْكَلامَ عَلَى كِتَابِ الْحَجِّ شَرَعَ فِي الْكَلامِ عَلَى الْمُعَامَلاتِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَهَمِيَّةِ مُرَاعَاةِ الْحَلالِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ وَمَعْرِفَةِ بَعْضِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُعَامَلاتِ.
لِيُعْلَمْ أَنَّهُ (يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ (أَنْ لا يَدْخُلَ فِي شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَعَبَّدَنَا أَيْ كَلَّفَنَا) وَأَمَرَنَا (بِأَشْيَاءَ) وَنَهَانَا عَنْ أَشْيَاءَ (فَلاَ بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا تَعَبَّدَنَا) اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِتَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ الضَّرُورِيِّ وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ كُلِّهَا، (وَقَدْ أَحَلَّ) اللَّهُ (الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فَوَجَبَ عَلَيْنَا مُرَاعَاةُ ذَلِكَ (وَقَدْ قَيَّدَ الشَّرْعُ هَذَا الْبَيْعَ) الَّذِي وَصَفَهُ بِالْحِلِّ (بِآلَةِ التَّعْرِيفِ) أَيْ أَلْ الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا الْعَهْدُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ هُوَ الْبَيْعُ الْمَعْهُودُ في الشَّرْعِ حِلُّهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا1﴾ وَ (لأَنَّهُ لا يَحِلُّ كُلُّ بَيْعٍ إِلاَّ مَا) أَيْ بَيْعًا (اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ وَالأَرْكَانَ فَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا) حَتَّى لا يَقَعَ الشَّخْصُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ (فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ الْمُعَامَلاتِ (أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ) أَيْ أَرْكَانَهُ وَشُرُوطَهُ (وَإِلاَّ أَكَلَ الرِّبَا) أَيْ وَقَعَ فِيهِ (شَاءَ أَمْ أَبَى) قَصَدَ الْوُقُوعَ فِيهِ أَمْ لَمْ يَقْصِدْ (وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاجِرُ الصَّدُوقُ) وَهُوَ الَّذِي يُرَاعِي حُكْمَ اللَّهِ فِي تِجَارَتِهِ فَيَتَجَنَّبُ الْخِيَانَةَ وَالْغَشَّ وَالتَّدْلِيسَ وَغَيْرَها مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ (يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ) اهـ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2 (وَمَا ذَاكَ) الْفَضْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّاجِرِ الصَّدُوقِ (إِلاَّ لأَجْلِ مَا يَلْقَاهُ مِنْ مُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ وَقَهْرِهَا) أَيِ النَّفْسِ (عَلَى إِجْرَاءِ الْعُقُودِ عَلَى الطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَإِلاَّ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ (فَلا يَخْفَى مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ مَنْ تَعَدَّى) أَيْ جَاوَزَ (الْحُدُودَ) مِنَ الْعَذَابِ الأَلِيمِ. (ثُمَّ إِنَّ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ مِنَ الإِجَارَةِ) وَهِىَ تَملِيكُ مَنفَعَةٍ مُبَاحَةٍ بِعِوَضٍ مَع بَقَاءِ العَينِ عَلى وَجهٍ خَاصٍ (وَالْقِرَاضِ) وهُوَ تَفويِضُ الشَّخصِ وَإِذنُهُ لِشخصٍ أن يَعمَلَ فى مَالِهِ فِى نَوعٍ أو أنوَاعٍ مِنَ التِّجَارَةِ عَلى أن يَكُونَ الرِّبحُ مُشتَرَكًا (وَالرَّهْنِ) وهُوَ جَعلُ عَينٍ مَاليةٍ وَثِيقَةً بِدَينٍ يُستَوفَى مِنَها الدَّينُ عِندَ تَعذُرِ الوَفَاء (وَالْوَكَالَةِ) وهِى تَفويضُ شَخصٍ إلى غَيرهِ تَصرفًا عَلى وَجهٍ خَاصٍ لِيفعَلَهُ حَال حَياتِهِ (وَالْوَدِيعَةِ) وهِى مَا يُوضَعُ عِندَ غَيرِ مَالِكِهِ لِحِفظِهِ (وَالْعَارِيَّةِ) وهِى إبَاحَةُ الإنتِفَاعِ بِشئٍ مَجَّانًا مَع بَقَاءِ عَينهِ (وَالشَّرِكَةِ) وهِى عَقدٌ يَتَضَمَّنُ ثُبوتَ الحَقِّ فِى شَئٍ لاثنينِ فَأكثر على جِهَةِ الشُّيُوعِ (وَالْمُسَاقَاةِ) وهِى مُعامَلَةُ شَخصٍ على شَجَرٍ لِيتَعَهَدَهُ بِنَحوِ سَقىٍ عَلى أن تَكُونَ الثَّمَرةُ بَينهُمَا وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُعَامَلاتِ (كَذَلِكَ لا بُدَّ مِنْ) تَعَلُّمِ أَحْكَامِهَا عَلَى مَنْ أَرَادَ تَعَاطِيَهَا وَمِنْ (مُرَاعَاةِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا) الَّتِي بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ جَزَاهُم اللهُ خَيراً فِي كُتُبِهِمْ.
-------------

1- سورة البقرة / 275.
2- رواه الترمذى فى سننه، كتاب البيوع، باب ما جاء فى التجار وتسمية النبى صلى الله عليه وسلم إياهم بلفظ " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".

القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري

قائمة القول الجليّ