(بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ)
أَيْ أَبْتَدِئُ تَصْنِيفِي لِهَذَا الْكِتَابِ بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ أَيْ ذَاكِرًا لَهُ مُتَبَرِّكًا بِهِ مَعَ (الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيِ الْمَالِكِ لِكُلِّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ (الْحَيِّ الْقَيُّومِ الْمُدَبِّرِ) أَيِ الْمُقَدِّرِ (لِجَمِيعِ) ذوات (الْمَخْلُوقِينَ) أَفْعَالِهم وَأَقْوَالِهم وَأَحْوَالِهم (وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ) الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
(وَبَعْدُ فَهَذَا) كِتَابٌ (مُخْتَصَرٌ) أَيْ قَلِيلُ الأَلْفَاظِ كَثِيرُ الْمَعَانِي (جَامِعٌ لأِغْلَبِ الضَّرُورِيَّاتِ) مِنْ عُلُومِ الدِّينِ (الَّتِي) لا يُسْتَغْنَى عَنْهَا وَ (لا يَجُوزُ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ جَهْلُهَا مِنْ) أُمُورِ (الاِعْتِقَادِ وَمَسَائِلَ فِقْهِيَّةٍ مِنَ الطَّهَارَةِ إِلَى الْحَجِّ) بِمَا يَشْمَلُ الصَّلاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيامَ (وَشَىْءٍ) قَلِيلٍ (مِنْ أَحْكَامِ الْمُعَامَلاتِ) كَالإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهَا مَعَ بَيَانِ حُكْمِ الرِّبَا وَبَعْضِ الْبُيُوعِ الْمُحَرَّمَةِ (عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ) الْمُجْتَهِدِ الْعَلَمِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيسَ (الشَّافِعِيِّ) الْقُرَشِيِ الْمُطَّلِبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمَوْلُودِ سَنَةَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِلْهِجْرَةِ وَالْمُتَوَفَّى سَنَةَ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ1 (ثُمَّ بَيَانِ) الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَ (مَعَاصِي الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ) جَمْعُ جَارِحَةٍ وَهِيَ أَعْضَاءُ الإِنْسَانِ (كَاللِّسَانِ وَغَيْرِهِ) مِنْ بَطْنٍ وَعَيْنٍ وَأُذُنٍ وَيَدٍ وَفَرْجٍ وَرِجْلٍ ثُمَّ بَيَانِ مَعَاصِي الْبَدَنِ لِيُخْتَمَ الْكِتَابُ بِفَصْلٍ عُقِدَ لِبَيَانِ التَّوْبَةِ. (الأَصْلُ) الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْمُؤَلِّفُ كِتَابَهُ الْمُخْتَصَرَ هُوَ كِتَابُ "سُلَّمِ التَّوْفِيقِ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ عَلَى التَّحْقِيقِ" (لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْحَضْرَمِيِّينَ وَهُوَ) الْعَالِمُ الْفَقِيهُ الشَّيْخُ (عَبْدُ اللَّهِ بنُ حُسَيْنِ بنِ طَاهِرِ) بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ الشَّافِعِيُّ الْعَلَوِيُّ الْمَوْلُودُ سَنَةَ أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ وَالْمُتَوَفَّى سَنَةَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ2، اخْتُصِرَ كِتَابُهُ (ثُمَّ ضُمِّنَ زِيَادَاتٍ كَثِيرَةً مِنْ نَفَائِسِ الْمَسَائِلِ) تَكْشِفُ مَكْنُونَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَتُوضِحُهُ (مَعَ حَذْفِ مَا ذَكَرَهُ) الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ حُسَيْنٍ (فِي التَّصَوُّفِ) لأِنَّ الْمُختَصِرُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ الضَّرُورِيَّاتِ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ وَهَذِهِ الأُمُورُ لَيْسَتْ مِنْهَا3 (وَ) مَعَ (تَغْيِيرٍ لِبَعْضِ الْعِبَارَاتِ) بِعِبَارَاتٍ أَوْضَحَ (مِمَّا لا يُؤَدِّي إِلَى خِلافِ الْمَوْضُوعِ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (وَقَدْ نَذْكُرُ مَا رَجَّحَهُ بَعْضٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيِّينَ كَالْبُلْقِينِيِّ) الإِمَامِ سِرَاجِ الدِّينِ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ الْمَوْلُودِ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ وَأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَالْمُتَوَفَّى سَنَةَ ثَمَانِمِائَةٍ وَخَمْسٍ 4(لِتَضْعِيفِ مَا) ذُكِرَ (فِي الأَصْلِ فَيَنْبَغِي) عَلَى الْمُكَلَّفِ (عِنَايَتُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يَتَلَقَّاهُ وَيَدْرُسَهُ وَيُعِيدَ مَسَائِلَهَ إِلَى أَنْ يَحْفَظَهَا وَتَرْسُخَ فِي قَلْبِهِ وَذَلِكَ مَعَ إِخْلاصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى (لِيُقْبَلَ عَمَلُهُ) عِنْدَ اللَّهِ (أَسْمَيْنَاهُ مُخْتَصَرَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَرِيِّ الْكَافِلَ بِعِلْمِ الدِّينِ الضَّرُورِيِّ) وَهُوَ الْعِلْمُ الشَّامِلُ لِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الاِعْتِقَادِ وَالشَّامِلُ أَيْضًا لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ عِلْمِ الدِّينِ وَلَمَّا كَانَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالإِيْمَانُ بِهِمَا هُوَ أَهَمَّ الْوَاجِبَاتِ وَأَفْضَلَهَا بَدَأَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابَهُ بِالْكَلامِ عَلَى (ضَرُورِيَّاتِ الاِعْتِقَادِ) أَيْ مَا لا يَسْتَغْنِي الْمُكَلَّفُ عَنْهُ مِنْ أُمُورِ الْعَقِيدَةِ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ.
-------------