(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ فروض الْوُضُوءِ. (وَمِنْ شُرُوطِ) صِحَّةِ (الصَّلاةِ الْوُضُوءُ) وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِالنِّيَّةِ (وَفُرُوضُهُ) أَيْ أَرْكَانُ الْوُضُوء (سِتَّةٌ الأَوَّلُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلاةِ) بِالْقَلْبِ (أَوْ) نِيَّةٌ (غَيْرُهَا مِنَ النِّيَّاتِ الْمُجْزِئَةِ) كَأَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوِ اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إِلَى الْوُضُوءِ كَاسْتِبَاحَةِ الصَّلاةِ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ، وَلا يَكْفِي إِجْرَاؤُهَا عَلَى اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْضَارٍ لَهَا بِالْقَلْبِ. وَلا يَكْفِي أَيْضًا أَنْ يَنْوِيَ الطَّهَارَةَ فَقَطْ. وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ (عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ لا قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ (أَيْ) أَنْ تَكُونَ (مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِهِ عِنْدَ) إِمَامِنَا (الشَّافِعِيِّ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْه1 (وَتَكْفِي النِّيَّةُ إِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ بِقَلِيلٍ عِنْدَ) الإِمَامِ (مَالِكِ) بنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. وَأَمَّا الرُّكْنُ (الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ فَهُوَ (غَسْلُ) ظَاهِرِ (الْوَجْهِ جَمِيعِهِ) مَرَّةً وَاحِدَةً. وَحَدُّ الْوَجْهِ طُولاً (مِنْ مَنَابِتِ شَعَرِ رَأْسِهِ) عِنْدَ غَالِبِ النَّاسِ (إِلَى) أسفل (الذَّقَنِ) وَهُوَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) عَرْضًا (مِنْ) وَتِدِ (الأُذُنِ إِلَى) وَتِدِ (الأُذُنِ) فَكُلُّ مَا كَانَ ضِمْنَ حَدِّ الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُهُ (شَعَرًا وَبَشَرًا) وَالْمُرَادُ بِالْبَشَرِ الْجِلْدُ لَكِنْ (لا) يَجِبُ غَسْلُ (بَاطِنِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ) وَهِيَ الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ (وَعَارِضَيْهِ) وَهُمَا الشَّعَرَانِ النَّابِتَانِ عَلَى اللَّحْيَيْنِ وَذَلِكَ (إِذَا كَثُفَا) فِعِنْدَئِذٍ يَغْسِلُ ظَاهِرَ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضَيْنِ وَلا يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَ الْبَاطِنَ بِخِلافِ مَا إِذَا لَمْ يَكْثُفَا فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْكَثِيفُ هُوَ مَا لا تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ خِلالِهِ وَالْخَفِيفُ عَكْسُهُ. وَالرُّكْنُ (الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ هُوَ (غَسْلُ الْيَدَيْنِ) مَرَّةً وَاحِدَةً أَيِ الْكَفَّيْنِ وَالسَّاعِدَيْنِ (مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ وَهُوَ مُجْتَمَعُ السَّاعِدِ مَعَ الْعَضُدِ (وَمَا عَلَيْهِمَا) مِنْ شَعَرٍ وَلَوْ كَثُفَ وَظُفْرٍ وَسِلْعَةٍ وَشُقُوقٍ وَقِشْرَةِ جُرْحٍ. وَالرُّكْنُ (الرَّابِعُ) مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ هُوَ (مَسْحُ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِهِ) مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لا شَعَرَ عَلَيْهِ وَيُجْزِئُ الْمَسْحُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْسُوحُ (شَعْرَةً) أَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ لأِنَّهُ يَصْدُقُ بِهِ اسْمُ الْمَسْحِ أَيْ إِذَا كَانَ الْمَمْسُوحُ (فِي حَدِّهِ) أَيِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لا يَخْرُجُ الْجُزْءُ الْمَمْسُوحُ مِنَ الشَّعَرَةِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ عِنْدَ مَدِّهَا لِجِهَةِ نُزُولِهَا وَإِلاَّ لَمْ يَكْفِ. وَالرُّكْنُ (الْخَامِسُ) مِنْ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ هُوَ (غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ) وَمَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعَرٍ وَسِلْعَةٍ وَظُفْرٍ وَشُقُوقٍ (مَعَ الْكَعْبَيْنِ) مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي أَسْفَلِ السَّاقِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ لابِسِ الْخُفِّ أَمَّا لابِسُ الْخُفِّ فَالْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ إِمَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ (أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُهُ) وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ طَاهِرًا وأَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ بِلا نَعْلٍ لِحَاجَاتِ الْمُسَافِرِ عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَأَنْ يَبْتَدِئَ لُبْسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْخُفُّ مَانِعًا لِنُفُوذِ الْمَاءِ. وَأَمَّا الرُّكْنُ (السَّادِسُ) فَهُوَ (التَّرْتِيبُ هَكَذَا) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ الْمَقْرُونِ بِالنِّيَّةِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ مَسْحِ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ.
-------------