كتب ومتون القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري
أحكام الربا

أحكام الربا

القَوْلُ الجَلِىُّ فِى حَلِّ أَلفَاظِ مُخْتَصَرِ عَبْدِ اللَّهِ الهَرَرِى

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرِّبَا.
(يَحْرُمُ الرِّبَا فِعْلُهُ) أَيْ عَقْدُهُ (وَأَكْلُهُ) أَيِ الاِنْتِفَاعُ بِهِ (وَأَخْذُهُ وَكِتَابَتُهُ) أَيْ كِتَابَةُ وَثِيقَةِ الرِّبَا (وَشَهَادَتُهُ) أَيِ الشَّهَادَةُ عَلَى عَقْدِهِ (وَهُوَ) أَنْوَاعٌ مِنْهَا رِبَا الْقَرْضِ وَمِنْهَا (بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ) الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (بِالآخَرِ نَسِيئَةً) أَيْ لأَجَلٍ وَإِنْ قَصُرَ وَهُوَ رِبَا النَّسَاءِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ أُسَلِّمَكَ إِيَّاهُ بَعْدَ سَاعَةٍ (أَوْ) بَيْعُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآخَرِ (بِغَيْرِ تَقَابُضٍ) أَيْ أَنْ يَحْصُلَ الْعَقْدُ ثُمَّ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ رِبَا الْيَدِ.
وَكَمَا يَحْصُلُ الرِّبَا فِي مُخْتَلِفَيِ الْجِنْسِ يَحْصُلُ فِي مُتَّحِدَيِ الْجِنْسِ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِجِنْسِهِ) أَيْ أَوْ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ (كَذَلِكَ أَيْ نَسِيئَةً) أَيْ لأِجَلٍ (أَوِ اِفْتَرَقا بِغَيْرِ تَقَابُضٍ) كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مُتَفَاضِلاً) أَيْ وَيَحْصُلُ الرِّبَا فِي مُتَّحِدَيِ الْجِنْسِ مَعَ التَّفَاضُلِ (أَيْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) الرِّبَوِيَيْنِ (عَلَى الآخَرِ بِالْوَزْنِ) كَبَيْعِ دِينَارِ ذَهَبٍ بِدِينَارَيْنِ أَوْ دِرْهَمِ فِضَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ، (وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ (الْمَطْعُومَاتِ) وَهِيَ مَا يُقْصَدُ غَالِبًا مِنَ الْبَشَرِ لِلأَكْلِ (بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَذَلِكَ أَيْ) مَعَ التَّأْجِيلِ أَوِ الاِفْتِرَاقِ بِغَيْرِ تَقَابُضٍ سَوَاءٌ كَانَا مُخْتَلِفَيِ الْجِنْسِ أَمْ مُتَّحِدَيْهِ أَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ إِذَا كَانَا مُتَّحِدَيِ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ (لا يَحِلُّ بَيْعُهَا) أَيِ الْمَطْعُومَاتِ (مَعَ اخْتِلافِ الْجِنْسِ كَالْقَمْحِ مَعَ الشَّعِيرِ إِلا بِشَرْطَيْنِ) وَهُمَا (انْتِفَاءُ الأَجَلِ وَانْتِفَاءُ الاِفْتِرَاقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَمَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ) كَالْقَمْحِ بِالْقَمْحِ (يُشْتَرَطُ هَذَانِ الشَّرْطَانِ مَعَ) شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ (التَّمَاثُلُ) أَيْ عَدَمُ التَّفَاضُلِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ بَعْضِ الْبُيُوعِ الْمُحَرَّمةِ (وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو صَاعَ قَمْحٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَيَخْتَلِفُ الْقَبْضُ بِاخْتِلافِ الْمَبِيعِ فَيَحْصُلُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ بِالتَّخْلِيَةِ وَتَفْرِيغِ الْمَبِيعِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْمَنْقُولِ بِتَنَاوُلِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُتَنَاوَلُ وَإِلاَّ فَبِنَقْلِهِ إِلَى مَكَانٍ لا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ.
(وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ (اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ) مَأْكُولاً كَانَ أَمْ غَيْرَهُ (وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ (الدَّيْنِ بِالدَّيْن) كَأَنْ يُسْلِمَ إِلَى رَجُلٍ دِينَارًا فِي صَاعِ قَمْحٍ مُؤَجَّلٍ إِلَى أَجَّلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَبِيعَ ذَلِكَ الْقَمْحَ مِنْ شَخْصٍ ءَاخَرَ بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ.
(وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ الْفُضُولِيِّ أَيْ بَيْعُ) الشَّخْصِ (مَا) أَيْ شَيْئًا (لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَلا وِلاَيَة) فَمَنْ بَاعَ مَا لَيْسَ مِلْكًا لَهُ وَلا لَهُ عَلَيْهِ وِلايَةٌ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ الشَرْعِيَّةِ كَأَنْ كَانَ الْمَالِكُ قَدْ وَكَلَّهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ (وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ (مَا لَمْ يَرَه) الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، (وَيَجُوزُ) بَيْعُهُ )عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (مَعَ الْوَصْفِ) الَّذِي يُخْرِجُ الْمَبِيعَ عَنِ الْجَهَالَةِ الْمُطْلَقَةِ.
(وَلا يَصِحُّ بَيْعُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَشِرَاؤُهُ (أَيْ لا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) وَشِرَاؤُهُ لأِنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَيْ مَجْنُونًا أَوْ دُونَ الْبُلُوغِ فِي مَذْهَبِ إِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَ) إِنْ كَانَ (يَجُوزُ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزُ) بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (فِي مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ) بنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 (أَوْ(بَيْعُ مَا) لا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ(فَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا كَبَيْعِ الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ،)وَ (يَحْرُمُ بَيْعُ) مَا لا مَنْفَعَةَ فِيهِ(كَالْخُبْزِ الْمُحْتَرِقِ وَالْحَشَرَاتِ الَّتِي لا مَنْفَعَةَ فِيهَا كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْعَقْرَبِ.
(وَ)لا يَصِحُّ (الْبَيْعُ)عِنْدَ بَعْضِ (الشَّافِعِيَّةِ) بِلا صِيغَةٍ (كَبِعْتُكَ وَاشْتَرَيْتُ بِشُرُوطِهَا) وَيَكْفِي التَّرَاضِي عِنْدَ ءَاخَرِينَ (مِنْهُمْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيُعْطِيهِ البَائِعُ الْمَبِيعَ بِلا لَفْظٍ فَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ وَيُسَمَّى الْبَيْعَ بِالْمُعَاطَاةِ.
(وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ مَا لا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِلْكِ كَالْحُرِّ وَالأَرْضِ الْمَوَاتِ) وَهِيَ الأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ وَلا مَالِكَ لَهَا (وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا (بَيْعُ الْمَجْهُولِ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلا يَصِحُّ، (وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ (النَّجِسِ كَالدَّمِ وَكُلِّ) شَرَابٍ (مُسْكِر) كَالْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ الْمُسْكِرِ وَمِنْ ذَلِكَ الإِسْبِيرْتُو فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ لا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلا شِرَاؤُهُ، (وَ) يَحْرُمُ بَيْعُ كُلِّ (مُحَرَّمٍ كَالطُّنْبُورِ وَهُوَ ءَالَةُ لَهْوٍ تُشْبِهُ الْعُودَ) وَكَالْمِزْمَارِ وَالْكُوبَةِ، (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الشَّىْءِ الْحَلالِ الطَّاهِرِ عَلَى مَنْ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَعْصِيَ بِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الإِعَانَةِ عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَذَلِكَ (كَالْعِنَبِ) أَيْ بَيْعُهُ (لِمَنْ) عَلِمْتَ أَنَّهُ (يُرِيدُهُ لِلْخَمْرِ وَ) بَيْعُ (السِّلاحِ لِمَنْ) عَلِمْتَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ (يَعْتَدِيَ بِهِ عَلَى النَّاسِ) فَلا يَجُوزُ. (وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ الأَشْيَاءِ الْمُسْكِرَةِ) وَلَوْ جَامِدَةً (وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ الْمَعِيبِ بِلا إِظْهَارٍ لِعَيْبِهِ) أَيْ مَعَ تَرْكِ بَيَانِهِ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرَّدِّ فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَائِدَةً) فِي بَيَانِ مَا يُفْعَلُ بِالتَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ (لا تَصِحُّ قِسْمَةُ تَرِكَةِ مَيِّتٍ) عَلَى الْوَارِثِينَ (وَلا بَيْعُ شَىْءٍ مِنْهَا مَا لَمْ تُوَفَّ) أَيْ مَا لَمْ تُقْضَ (دُيُونُهُ) إِنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَمْ يُؤَدِّهَا )وَ (مَا لَمْ تُنَفَّذْ (وَصَايَاهُ) الَّتِي أَوْصَى بِصَرْفِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ (وَ) مَا لَمْ (تُخْرَجْ أُجْرَةُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ إِنْ كَانَا) وَاجِبَيْنِ (عَلَيْهِ) بِأَنِ اسْتَقَرا فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّهِمَا حَتَّى مَاتَ وَتُسَلَّمْ إِلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ (إِلاَّ أَنْ يُبَاعَ شَىْءٌ) مِنَ التَّرِكَةِ (لِقَضَاءِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ (فَالتَّرِكَةُ كَمَرْهُونٍ بِذَلِكَ) فَكَمَا أَنَّ الْمَرْهُونَ لا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيه بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَالتَّرِكَةُ كَذَلِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثَالاً ءَاخَرَ لِمَا لا يَصِحُّ بَيْعُهُ حَتَّى تُؤَدَّى الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ لِزِيَادَةِ تَقْرِيبِ الْمَسْئَلَةِ لِفَهْمِ الطَّالِبِ فَقَالَ (كَرَقِيقٍ جَنَى) فَأَتلَفَ مَالَ شَخْصٍ (وَلَوْ) كَانَتْ جِنَايَتُهُ (بِأَخْذِ دَانَقٍ) وَهُوَ سُدُسُ دِّرْهَمٍ فَأَتْلَفَهُ (لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ) مَالِكُهُ (مَا بِرَقَبَتِهِ أَوْ يَأْذَنَ الْغَريِمُ فِي بَيْعِهِ) فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ وَالْغَرِيْمُ هُوَ صَاحِبُ الْمَالِ الَّذِي أَتْلَفَهُ الرَّقِيقُ.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يُفَتِّرَ) شَخْصٌ (رَغْبَةَ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَنَا أَبِيعُكَ خَيْرًا مِنْهُ بِالثَّمَنِ نَفْسِهِ أَوْ أَبِيعُكَ مِثْلَهُ بِثَمَنٍ أَقَلَّ (أَوْ) أَنْ يُفَتِّرَ رَغْبَةَ (الْبَائِعِ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ لا تَبِعْهُ لِفُلانٍ أَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِأَكْثَرَ إِذَا كَانَ التَّفْتِيرُ (بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي قَدْ صَرَّحَ بِالرِّضَا بِهِ وَإِلاَّ فَلا يَحْرُمُ كَمَا لَوْ طَافَ بِهِ الْبَائِعُ لِيَرَى مَنْ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِيَبِيعَهُ فَلا يَحْرُمُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُفَتِرُ لاَ يُرِيدُ شِرَاءَ السِّلعَةِ مِنَ البَائِعِ وَلاَ بَيعَهَا لِلمُشتَرِي أَىْ فَلاَ يَحرُمُ عِنْدَئِذٍ وَقَوْلُهُ (لِيَبِيعَ) الْمُفَتِّرُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي هُوَ فِي الصُّورَةِ الأُولَى (أَوْ لِيَشْتَرِيَهُ) الْمُفَتِّرُ (مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْبَائِعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (وَ) التَّفْتِيرُ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُفَتِّرُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ حَتَّى يَبِيعَهُ هُوَ أَوِ الْبَائِعَ حَتَّى يَشْتَرِيَهُ هُوَ (بَعْدَ) حُصُولِ (الْعَقْدِ) وَقَبْلَ لُزُومِهِ أَيْ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشَدُّ) حُرْمَةً سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَمْ شَرْطٍ.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَشْتَرِيَ) شَخْصٌ (الطَّعَامَ) كَالْخُبْزِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَقْوَاتِ (وَقْتَ الْغَلاءِ وَالْحَاجَةِ) إِلَيْهِ (لِيَحْبِسَهُ) عِنْدَهُ عَنِ الْبَيْعِ (وَيَبِيعَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِأَغْلَى وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَزِيدَ) شَخْصٌ (فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ) أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ قَصْدُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ (لِيَغُرَّ غَيْرَهُ) أَيْ حَتَّى يُوهِمَهُ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ قِيمَتُهَا عَالِيَةٌ فَيَغْتَرَّ بِذَلِكَ فَيَشْتَرِيَهَا.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يُفَرِّقَ) شَخْصٌ (بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا) بِالْبَيْعِ (قَبْلَ التَّمْيِيزِ) وَلَوْ رَضِيَتْ بِالتَّفْرِيقِ (وَ) يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْعَاقِدَيْنِ (أَنْ يَغُشَّ) بِإِخْفِاءِ الْعَيْبِ (أَوْ يَخُونَ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ وَالْعَدِّ أَوْ) أَنْ (يَكْذِبَ) كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ إِنَّ هَذَا الْمَبِيعَ يُبَاعُ فِي السُّوقِ بِكَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَقَلَّ (وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبِيعَ) شَخْصٌ (الْقُطْنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْبَضَائِعِ) لِشَخْصٍ لا يَمْلِكُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَثَلاً (وَيُقْرِضَ) الْبَائِعُ (الْمُشْتَرِيَ فَوْقَهُ دَرَاهِمَ) مَثَلاً (وَيَزِيدَ فِي ثَمَنِ تِلْكَ الْبِضَاعَةِ لأَجْلِ) ذَلِكَ (الْقَرْضِ) بِحَيْثُ يَجْعَلُ ذَلِكَ شَرْطًا فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ رِبَا الْقَرْضِ، (وَ) مِنْهُ (أَنْ يُقْرِضَ) شَخْصٌ (الْحَائِكَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الأُجَرَاءِ) جَمْعُ أَجِيرٍ (وَيَسْتَخْدِمَهُ) بِالْعَمَلِ لَهُ (بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لأَجْلِ ذَلِكَ الْقَرْضِ أَيْ) أَنَّهُ (إِنْ شَرَطَ ذَلِكَ) فَقَدْ دَخَلَ فِي رِبَا الْقَرْضِ أَيْضًا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ (وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الرَّبْطَةَ، أَوْ يُقْرِضَ) شَخْصٌ (الْحَرَّاثِينَ) مَالاً (إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَشْتَرِطَ) عَلَيْهِمْ (أَنْ يَبِيعُوا عَلَيْهِ) أَيْ يَبِيعُوهُ (طَعَامَهَمْ بِأَوْضَعَ) أَيْ بِأَنْقَصَ (مِنَ السِّعْرِ قَلِيلاً وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الْمَقْضِيَّ) فَهُوَ أَيْضًا دَاخِلٌ فِي رِبَا الْقَرْضِ. (وَكَذَا جُمْلَةٌ مِنْ مُعَامَلاتِ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ) الَّذِي كَثُرَ فِيهِ الْجَهْلُ وَقَلَّتْ فِيهِ التَّقْوَى (وَأَكْثَرُهَا) أَيِ الْمُعَامَلاتِ مُحَرَّمَةٌ لأِنَّهَا (خَارِجَةٌ عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ فَعَلَى مُرِيدِ رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (وَسَلامَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ) مِنَ الْحَرَامِ (أَنْ يَتَعَلَّمَ) مِنْ عُلُومِ الدِّينِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ (مَا يَحِلُّ) لَهُ (وَمَا يَحْرُمُ) عَلَيْهِ مِنَ الْمُعَامَلاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا تَلَقِّيًا (مِنْ عَالِمٍ وَرِعٍ) يَخَافُ اللَّهَ (نَاصِحٍ شَفِيقٍ عَلَى دِينِهِ) أَيِ الطَّالِبِ (فَإِنَّ طَلَبَ الْحَلالِ) أَىْ تَرْكَ تَنَاوُلِ أَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحَرَامِ (فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ).
-------------

1- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى الفقيه والمحدث صاحب المذهب. ولد ببغداد سنة 164 ه ونشأ بها. ذهب إلى الكوفة ومكة والمدينة والشام. درس على يد كثير من العلماء منهم محمد بن إدريس الشافعى وسفيان بن عيينة ويزيد بن هارون وأبو داود الطيالسى ووكيع ابن الجراح. توفى سنة 241 ه. أنظر تارخ بغداد (4/412).

القول الجلي في حل ألفاظ مختصر عبد الله الهرري

قائمة القول الجليّ