من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 التحذير من الـقاديانية

الدرس التاسع عشر
التحذير من الـقاديانية

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
    هَذا تحذيرٌ  منَ الـقاديانيّةِ كَتَبَهُ بعض تلامذة الشّيـخِ عبدِ اللهِ بنِ مـحمّدٍ الـهررىّ رحمهُ اللهُ تَعالى بطلبِهِ وتوجيههِ ثمَّ قرأهُ عليهِ فِى سويسرة فِى ذِى الـقَعدة سنة عشرين وأربعمائة وألف من الـهجرة الموافق لشهر شباط سنة ألفين ر فغيّرَ كلـمةً فيهِ فصَارَ التّحذيرُ كالآتى
    الـحمدُ للهِ ربّ العالـمينَ يَهدِى مَن يشاءُ فضلًا وَيُضِلُّ مَن يشاءُ عَدلًا وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيّدِنا مـحمّدٍ النّبِىّ الـخاتـم الذِى لا يُبعث نَبِىٌّ بعدَه ولا يَنْسَخُ شرعٌ شرعَهُ.
أما بَعدُ فقَد ظهرَ منذُ نحوِ مائةِ سنةٍ رجلٌ من بَلدةِ قاديان فِى الهند يُسَمَّى غلام أحمد الـقاديانـىَّ ادَّعى النّبوّةَ وتبِعَهُ على دَعواهُ طائفةٌ يُسمَّونَ بالـقَاديانيّةِ أو الأحمديَةِ وادَّعى هوَ وأتباعُه معَ ذلكَ الانتسابَ إلى الإسلامِ بَل ادَّعوا أنّهم صفوةُ الـمسلـمين ومنذُ ذلكَ الوقتِ وهُم يـحاولونَ نشرَ عقائدِهِم بينَ الـمسلـمينَ ليَخدَعوا السُّذَّجَ ضِعافَ العلـمِ والإيمانِ وهم يَدَّعُونَ فِى كُلّ ذلكَ الالتزامَ بالدين الإسلامىّ والشريعة الـمـحمَّدية مَكْرًا وزُورًا فرأينا أنهُ لا بدَّ من بيانِ حالـهم ولو فِى وَرقةٍ أو ورقتينِ دَفعًا لشرّهم ودَرْءًا لفتنتِهم وقيامًا بواجبِ الأمرِ بالـمعروفِ والنَّهْىِ عنِ الـمنكرِ. ولَسْنَا أَوّلَ مَن حذَّر مِن هذهِ الطّائفة الـمنحرِفَةِ وإنّما سبَقَنا كثيرونَ مِن علـماءِ الـمسلـمينَ لا سيّما فِى بلادِ الشّامِ ومصرَ والـهندِ والباكستانِ جَزاهم اللهُ عنِ الإسلامِ والـمسلـمينَ خيرًا.
فمِن مقالاتِ الـقاديانيّة الشّاذّةِ عمّا أطبقَ عليهِ الـمسلـمونَ كُلُّهُمْ
     أولًا: ادّعاءُ زعيمِهم ومؤسّسِ نِحْلَتِهِمْ غلامِ أحمَدَ الـقاديانِىّ للنّبوّةِ صَراحةً كَما فِى رسالتهِ الـمسمّاة تحفةَ النّدوةِ التِى وجّهَها سنةَ اثنتينِ وتسعمائةٍ وألفٍ روميّةٍ إلى أعضاءِ ندوةِ العلـماءِ فِى لكهنؤ فإنهُ قالَ فكما ذكرتُ مرارًا أن هذا الكلام الذِى أتلوه هو كلام الله بطريق الـقطع واليقين كالـقرءان والتوراة وأنا نبِىٌّ ظِلّىٌّ وبُرُوزِىٌّ مِن الله ويـجب على كل مسلـم أن يؤمن بأنّى الـمسيـحُ الـموعودُ اﻫ فقولُهُ هذا كفرٌ بإجماعِ الـمسلـمينَ لأنّهم أطبَقوا منذُ أيّام الصّحابةِ الذينَ قَتَلُوا مُسيلـمةَ الكذّابَ إلى أيّامنا على أنَّ كلَّ مَنِ ادَّعى أنهُ بُعِثَ نبيًّا بعدَ سيّدنا مـحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم هوَ كافرٌ كذّاب سواءٌ زعَم أنهُ نبِىٌّ ظلىٌّ أم نبِىٌّ مُسْتَقِلٌّ وذلكَ لأنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ1 ولَا يَدفعُ عنهُ الكفرَ تـمويهُهُ بتفسيرِ الآيةِ أنَّ مَعنـى:﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ زينةُ النبيّينَ لأنَّ هذا كلامٌ ركيكٌ يتنَزَّه الـقرءانُ عنهُ. ويَكْفِى فِى إبطالِ دعواهُ هذهِ حَديثُ مسلـمٍ: "وخُتـم بِى النّبيّونَ"2اﻫ. وحديثُ البخارىّ الثّابتُ الـمعروفُ: "ولكنْ لا نبِىَّ بعدِى"3اﻫ. فإنّهما معَ غَيرِهما منَ الأحاديثِ يُبَيّنانِ بَيانًا شافيًا مَعنـى الآيةِ ولذلكَ تواترَ بينَ الـمسلِمينَ وعُلِمَ بينَهم بالضّرورةِ أنَّ كلَّ مَنِ ادّعى النّبوّة بعدَ سيّدنا مـحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فهوَ كافرٌ لا يـخفِى ذلكَ على جاهلٍ منهُم ولا عالـمٍ.
    ثَانيًا يَدَّعِى غلامُ أحمد أنهُ أفضلُ مِن كلّ الأنبياءِ الذينَ كانوا قبلَ سيّدنا مـحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فيَقولُ فِى الـجزءِ الرّابعِ مِن كتابِ الـملفوظاتِ الأحمديّةِ فِى الصّحيفةِ الثّانيةِ والأربعينَ بعدَ الـمِائةِ كانَ قبلَ ذلكَ كلُّ واحدٍ منَ الأنبياءِ ظلًّا للنّبِىّ الكَريمِ مـحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فِى البَعضِ مِن صفاتهِ والآنَ أنا ظِلٌّ له صلى الله عليه وسلـم فِى جميع صفاته اﻫ بل يَدَّعِى هذا الـمجنونُ تفوّقَهُ حتى على سيّدنا مـحمّد صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وأنَّ صفاتهِ أرقى وأكمل فيقولُ فِى خُطبتهِ الـمسماةِ بالـخطبةِ الإلهامية فكذلك طلعت روحانية نبينا مـحمد فِى الألف الـخامس بإجمال صفة أو ما كان ذلك الزمان منتهى ترقياتها ثم كملت وتجلت تلك الروحانية فِى ءاخر الألف السادس أعنِى فِى هذا الـحين اﻫ
وقالَ فِى الـمُسَمَّى ملحقَ حقيقة الوحى فِى الصّحيفةِ الثّانيةِ والثّمانينَ منهُ وءَاتَانِى ما لـم يُؤْتِ أحدًا من العالـمين اﻫ وهذا منهُ تكذيبٌ صريـحٌ لقولِ اللهِ تَعالى إخبارًا عَن أنبيائهِ: ﴿وَكُلًّا فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ4 وهوَ كفرٌ بالإجماعِ لا يـخفِى على مسلـمٍ. ليسَ هذا فقط بل يقولُ الـقاديانـىُّ فِى الصّحيفةِ الـخامسةِ والتّسعينَ مِن براهين أحمدية وفِى الصّحيفةِ الـخامسةِ والسّتينَ بعدَ الـخَمْسِمِائَةِ من كتابهِ ءاينة كمالات إسلام إنـى رأيت فِى الـمنام أنـى مثل الله وتَيَقَّنْتُ أنّى هو ثم خلقتُ السمواتِ والأرضَ وأُوحِىَ إلىَّ إنـما أمرُك إذا أردتَ شيئًا فتقول له كن فيكون اﻫ
   ثالثًا: يستهزئُ الـقاديانـىُّ بالـمسيـحِ عيسَى ابنِ مريمَ عليهِ السّلامُ فيقولُ فِى دافعِ البلا تائتل ييـج ءاخرى ولكن الـمسيـح فِى عصره لـم يكن فائقًا فِى صدقه على سائر الصادقين بل كان يَحْيَى النبِىُّ أفضلَ منه لأنه لا يشرب الـخمر وما سُمع منه أن الـمرأة الفاحشة تُطَيّبُ رأسه مِنْ كَسْبِهَا وتـمسح بدنه بشعرها وما سُمع منه أنَّ الـمرأةَ الشابَّةَ غيرَ الـمَحْرَمِ تَخْدُمُهُ ولهٰذَا سَمَّى اللهُ تعالى فِى كتابه يـحيى باسمِ الـحَصُورِ ولـم يُسَمّ الـمسيـحَ بهذا الاسم لأنَّ مثلَ هذه الوقائعِ كانت مانعةً مِن تسميته باسم الـحصور اﻫ قُلنا لَا يـخفِى على مؤمنٍ أنَّ الطَّعنَ بأىّ نبِىّ منَ الأنبياءِ كفرٌ بالإجماعِ.
رابعًا: معلومٌ للقاصِى والدّانِى أنَّ الـمتنبّئَ غلامَ أحمد الـقاديانـىَّ كانَ عميلًا للإنكليز حاولَ طيلةَ عمرهِ خدمَتَهم وسعَى جُهدهُ لِيَثْنِىَ الـمسلـمينَ عنِ الـجهادِ ضِدَّهُمْ وفِى سبيلِ ذلكَ كذّبَ الشّريعةَ الـمـحمّديّةَ وحرّفَ أحكامَها فقالَ فِى كتابهِ الـمسمّى بالـخُطبة الإلهامية فِى ما ادَّعَى أنه وحىٌ مِن اللهِ إنَّ الإنكليز أحسنوا إلينا بأنواع الامتنان وهل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسانُ فحرامٌ علينا وعلى جميع الـمسلـمين مـحاربتُهم اﻫ.
وقالَ فِى كتابهِ الـمسمَّى تبليغ الرسالة فِى الصحيفة السابعة بعد الـمِائَةِ منه أتـمسك بخمسة مبادئ ثم ذكر منها تحريمَ الـجهاد ووجوبَ طاعة الإنكليز اﻫ وقالَ فِى الصّحيفةِ الثّانيةِ والسّتينَ مِن نفسِ الكتابِ أَلَّفْتُ كتبًا بالعربية والفارسية عن مـحاربة فكرة الـجهاد ووُزّعَتْ فِى جميع البلاد العربية والشام ومصر وبغداد وأفغانستان وأتأكد أنها تُعْطِى تأثيرها عاجلًا أو ءاجلًا اﻫ قُلنا لَا يَرتابُ مسلـمٌ فِى أنَّ كلامهُ هذا كفرٌ لأنَّ فيهِ تَكذيبًا للدّينِ وَردًّا لآياتٍ قرءانيةٍ عديدةٍ منهَا قَولُ اللهِ تَعالى:
﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهِ5.
وفوقَ كُلّ ما تَقَدَّمَ يُشَبّهُ الـمتنبّئُ الـقاديانـىُّ اللهَ تعالى بالـمخلوقات فيَنسبُ لهُ الـجوارحَ والأعضاءَ ويُنْكِرُ الـقَدَرَ ويَدَّعِى أنَّ الـمعاصِىَ تحصل غصبًا عن مشيئة الله ويُنْكِرُ خلودَ العذابِ للكفّارِ بالنّارِ وكلُّ ذلكَ كفرٌ بل يُضَلّلُ الأمّةَ الـمـحمّديّةَ كلّها فيقولُ فِى ما نشرَه فِى الـخامسِ والعِشرينَ مِن أيّار بسنّةِ تسعمائةٍ وألفٍ روميَّةً فِى معيارِ الأخبارِ فِى ما يزعُم أنّهُ أُوحِىَ إليهِ الذِى لا يَتبعك ولا يدخل فِى بيعتك ويبقى مخالفًا لك عاصٍ لله ولرسوله وجَهَنَّمِىٌّ اﻫ ولذلكَ يقولُ ولدُهُ الـمتنبئُ بعدَه ميرزا بشيرٌ فِى كتابه ءاينة صداقت فِى الصحيفة الـخامسة والثلاثين منه إنّ كلَّ مسلـم لـم يدخل فِى بيعة الـمسيـح الـموعود يَعْنِى أباهُ سمع باسمه أو لـم يسمع كافرٌ وخارجٌ عن دائرة الإسلام اﻫ  قُلنا الذِى يُكَفّرُ الأمةَ الإسلاميّةَ هوَ الـمستحقُّ للتّكفيرِ والذِى يَرميها بالضّلالِ هوَ الضّالُّ بلَا رَيبٍ. وبعدَ ما تقدَّم لَا يَبقى شكٌّ ولا لَبسٌ فِى حقيقةِ دعوَةِ الـقاديانيّةِ ويَظهرُ لأَدنـى متأمّلٍ مَنِ الذِى يَدعمُهم ويـحرّكُهم ومَنِ الذِى يَعتقدُ أنَّ لهُ مأربًا فِى انتشارِ ضَلالـهم فِى بلادِ الإسلامِ وَقَى اللهُ الـمسلـمينَ شُرورَهُمْ. ءَامِين.
وهذا كافٍ أى للتّحذيرِ منهُم.
انتهى والله تعالى أعلـم.
------------------

1-سورة الأحزاب/الآية (40).
2-رواه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة.
3-رواه البخاري باب ما ذكر عن بنى إسرائيل.
4- سورة الأنعام/الآية (86).
5- سورة الأنفال/الآية (39).


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2