من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 الرد على الـقرضاوِى فِى مسألة الـمكره

الدرس السادس والعشرون
الرد على الـقرضاوِى فِى مسألة الـمكره

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
    هذه فائدة أملاها الـمـحدثُ الفقيهُ الشيـخ عبد الله بن مـحمَّد العبدرىّ رحمه الله تعالى سنة عشرين وأربعمائة وألف من الـهجرة الموافق لسنة تسع وتسعين وتسعمائة وألف ر في الرد على يوسف القرضاوي.
قال رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً:
الـحمد لله رب العالـمين والصَّلاة والسَّلام على سيدنا مـحمَد وعلى ءالـه وصحبه الطيبين الطاهرين
أما بعد فيُقال ليوسف الـقرضاوى أنت أَلغيتَ ءاية الإكراه. ءايةُ الإكراه تحكم أن الـمُكْرَهَ إذا تغير حالـه عند النطق بالكفر فنطق بكلـمة الكفر شارحًا به صدره عندئذ يكون مستحقًّا للعذاب. أنت عَمَّمْتَ جعلتَ جميع البشر فِى حكم الـمكره فأنت خالفتَ كتابَ الله وفتحتَ للناس أبواب الكفر كأنك تقول بِمِلْءِ فمك يا ناس قولوا ما شئتـم سُبُّوا الله وسُبُّوا الـقرءان وسُبُّوا النبِىَّ ما عليكم حرجٌ.
خرجتَ عن إجماع علـماء الإسلام الذين وضعوا فِى كتب الفقه كتاب الـمرتد كما وضعوا كتاب النكاح وكتاب الطلاق وكتاب البيع. وبقولك هذا جعلتَ للشخص الـمرتد أن يتزوج الـمسلـم ويرث الـمسلـم وجعلتَ له حقًّا فِى أن يدخل الـمسجد ويُصَلّى وإن مات أن يدفن فِى مقابر الـمسلـمين، وعلـماءُ الإسلام على خلاف هذا. الـمذاهبُ الأربعةُ كلها فِى مؤلفاتهم علـماؤها وضعوا كتاب الردة ليُبَيّنُوا الأحكامَ التِى تترتب عليها ولـم يشرط أحد منهم لا من الـمتقدمين ولا من الـمتأخرين أن الرجل لا يكون مرتدًا مـحكومًا عليه بالكفر إلا أن يكون شارحًا صدره وناويًا الـخروج من الإسلام إلى دينٍ غيره. الـحافظ الإمام الـمجتهد الـمطلق ابن جرير الطبرىّ والـحافظ أبو عوانة الذِى له مستخرج على مسلـم وغيرُهـما من متقدمين ومتأخرين نَصُّوا على ذلك أى على أنه لو كان قلبه منشرحًا بالإسلام يُحكم على من يتلفظ بكلـمات الكفر بالكفر. والكتب التِى ذكر فيها هذا كثيرة منها شرح الفقه الأكبر لـملا علىّ الـقارى فهؤلاء صرحوا بأن الذِى يتكلـم بكلـمات الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان يـحكم عليه بالكفر والردة وأنت وسيد سابق وحسن قاطرجى وصلاح الدين الإدلبِى شذذتـم عن علـماء الإسلام وجرأتـم الناس على الكفر.
وهل تجد فِى تاريـخ السلف والـخلف أن حاكمًا رُفِعَ إليه شخص تكلـم بكفرٍ أنه قال له هل كنتَ شارحًا صدرك حين تكلـمت بكلـمة الكفر. لا تجدُ ولن تجده. ابن هانـى الـمغربِىُّ لـما استُدعى للـمـحاكمة أُجرى عليه حكم الـمرتد فقُتل من غير أن يسأله الـحاكم عن هذا الشرط الذِى اشترطتـموه أنتـم يا مـحرفون لدين الله. وكذلك هذا الـمرتد الذِى كان ارتد بعد أن أسلـم من اليهود فِى اليمن أجرى عليه أبو موسى الأشعرى ومعاذ بن جبل حكم الردة فقُتل. رواه البخارى وغيره فهل ذُكر هناك أنه سئل هل كنت شارحًا صدرك لـما تحولت عن الإسلام.
وهكذا شأن كثير ممن ارتدوا وحوكموا ما كان أحدهم يُسْأَلُ عن هذا الشرط الذِى أحدثتـموه. كانوا يكتفون بـمجرد اعتراف الشخص أو شهادة شاهدين بأنه قال كلـمة كذا من الكفر فيعرضون عليه الإسلام فإن رجع وإلا أُجْرِىَ عليه حكمُ الـمرتد الـقتل. هذا عمل حكام الـمسلـمين وعلـمائهم فأنتـم تركتـم هذا وعملتـم شرعًا جديدًا.
الكافر إذا دخل بلاد الـمسلـمين يغزوها أليس يتأكد وجوبُ قتالـه. وهذا الـقرضاوىُّ مثله اهـ
انتهى والله تعالى أعلـم.

جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2