من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 كلـمات للتحصين من السحر

الدرس الرابع
كلـمات للتحصين من السحر

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
درسٌ ألقاهُ الـمـحدثُ الفقيهُ الشيـخُ عبدُ اللهِ بنُ مـحمَّدٍ العبدرىُّ رحمهُ اللهُ تعالى فِى بيروت يوم الأحد في التاسع من شهر ربيع الثاني سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق للتاسع عشر من نيسان سنة ست وسبعين وتسعمائة وألف ر وهو فِى ذكر فائدة كلـمات للتحصين من السحر.
قال رحمه الله رحمةً واسعةً:
الـحمد لله ربّ العالـمين وصلَّى اللهُ على سيِّدنا مـحمَّد وعلى ءالـه  الطيبين.
أمّا بعدُ فقد روينا فِى مُوَطَّإ الإمامِ مالكٍ رحمه الله تعالى بالإسناد الصحيـح عن كَعْبِ الأَحْبَارِ رَضِىَ الله عنه أنه قال: "لولا كلـماتٌ أقولُهُنَّ لجَعَلَتْنِى اليهودُ حِمارًا فقيل له ما هُنَّ قال: أعوذُ بِوَجْهِ اللهِ العظيمِ الذِى ليسَ شىءٌ أعظمَ منه وبكلـماتِ اللهِ التَّامَّاتِ التِى لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ ولا فاجِرٌ وبأسماءِ اللهِ الـحُسْنَى مَا عَلِمْتُ منها وما لـم أَعْلَمْ مِن شَرّ مَا خَلَقَ وَذَرَأ وَبَرَأ" اهـ يَعْنِى كَعْبٌ رَضِىَ الله عنه بقوله هذا أنَّ اليهودَ مِن أَسْحَرِ خَلْقِ الله أىْ مِن أكثرِ الناسِ استِعمالًا للسّحْرِ وهو كان منهم كان يهوديًا ثم أسلـمَ، فِى أيامِ سيدنا عمرَ رضى الله عنه أسلـم. هو كعبُ الأحبارِ كان مِن يهودِ اليمنِ لـم يَكُنْ أسلـمَ فِى زمنِ الرسولِ لكنه بعدما تُوُفِى رسولُ الله صلى الله عليه وسلـم وظَهَرَ الإسلامُ ظُهُورًا عظيمًا أسلـمَ وكان ذلك فِى أيامِ عمرَ رضى الله عنه.
كان أبوه مِن عُلَماءِ اليهودِ مِن أَحْبَارِ اليهودِ تَرَكَ له كُتُبًا وخَتـم كلًّا منها إلَّا واحدًا تركه مفتوحًا وأخذَ عليه الِميثاقَ والعَهْدَ أن لا يَفْتَحَ هذه التِى ختـمها، بعدما مات أبوه فتح هذه الكتب فوجد فيها نَعْتَ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّـم نعتَ مـحمَّدٍ أىْ صِفَتَهُ واطَّلَع على تَبْشِير الأنبياء به فآمن وأظهر إسلامه كان عنده اطّلاعٌ على أحوال اليهود وأنَّهم يُكْثِرُونَ مِن السّحْرِ فكان يَتَحَصَّنُ مِن سِحْرِهم بهذه الكلـمات بأن يَقُولَها كلَّ يوم أو كُلَّما خافَ أن يُصابَ بسحرٍ كان يقولها فعَصَمَهُ الله تعالى بهذه الكلـمات.
فينبغى حِفْظُها وتعليمُها للأهلِ وغيرِهم ولا سِيَّما فِى هذا الزمن الذِى كَثُرَ فيه السحرُ لكثرة فساد الـقلوب. يُحْسَدُ فِى هذه الأيام الإنسانُ لِمَالِهِ وَلِصِحَّتِه ونشاطه ويـحاول الأشرارُ تغييرَ حالِ هذا الإنسانِ الـمُنْعَمِ عليه بسحرٍ.
ثم هذه الكلـماتُ معانيها حسنةٌ وألفاظُها طَيّبَةٌ ليس فيها شىء مما يـخالف الشريعةَ ليس فيها اسْتِنْجادٌ بِمُلُوكِ الشياطين ولا بالكواكب.
ثم كعبُ الأحبارِ رَضِىَ الله عنه بَرِىء مما يَتَّهِمُهُ به بعضُ الناس الذين لا يُوثَقُ بهم يَتَّهِمُونَه بأنه تظاهر بالإسلام ولـم يكن مُعْتَقِدًا للإسلام فِى قلبه وذلك افتراءٌ بل مَدَحَهُ بعضُ الصحابةِ، سيّدُنا عمر رَضِىَ اللهُ عنه كان يرى له منزلةً، كان يَعْتَبِرُهُ من أهل العلـم الثقات الـمُعْتـمدِين الـمُعْتَبَرِينَ. وقال فيه أبو الدَّرْداء رَضِىَ اللهُ عنه صاحبُ رسول الله إنَّ عند ابنِ الـحِمْيَرِيَّةِ لَعِلْمًا كثيرًا1 لأنه مِن حِمْيَر وحِمْيَر هم أهل اليمن الأَصْلِيُّونَ فشهادةُ أبى الدرداء رضى الله عنه تدحض وتحطّم كلَّ هذه الاتّهاماتِ.
مـحمد علىّ الزُّعْبِىّ هذا يَطْعَنُ فيه ويَطْعَنُ فِى غيره حتى فِى نبىّ الله سليمانَ يطعن، يقول هذا أى كعب الأحبار زعيم شِرْذِمَةٍ يَهُودِيَّةٍ اهـ بعد أنْ زَكَّاه الـقرءانُ الكريمُ وذَكَرَهُ الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّـم بالثَّناءِ والتَّنْوِيهِ يطعن فيه أمثالُ مـحمد علىّ الزُّعْبِىّ وهو ليس بشىء أخذ الدكتوراه من اليَسُوْعِيَّة من أولياء النصارى، أخذ من التاريـخ الـمُزَيَّف من مُؤَلَّفاتِ التاريـخ للنصارى وما أشبهَ ذلك. هو الكافر ليسَ كعبَ الأحبار، يطعن فِى كعب الأحبار وفِى نبىّ الله سليمانَ ولـم يَدْرِ أنَّ مَن طَعَنَ فِى نبىّ من أنبياء الله فقد كفر.
هذه الكلـمات ذكرٌ فيها تـمجِيدٌ لله تعالى فيها مَنْفَعَةٌ وفيها ثواب عظيم مَنْفَعَتُهُ التَّحْصِينُ من السّحْر.
قال الشيـخ رحمه الله: احْفَظْنَهُ وقُلْنَهُ كلَّ يومٍ. وإذا قيل صباحًا ومساءً أحسن.
والله تعالى أعلـم.
------------------

1- رواه مالك في الموطأ في باب كعب بن مانع الحميري.


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2