من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 بيان عقيدة أهل السنة والـجماعة والطريقة الرفاعية

الدرس الرابع والأربعون
بيان عقيدة أهل السنة والـجماعة والطريقة الرفاعية

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
    درسٌ ألقاهُ الـمـحدثُ الشيـخُ عبدُ اللهِ بنُ مـحمَّدٍ العبدرىُّ رحمهُ اللهُ تعالى ليلةَ الـجمعة الثّانـى عشرَ من ذى الـقَعدةِ سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق للسابع عشر من شهر شباط سنة ألفين ر فِى مركزِ جمعيّةِ الـمشاريعِ الـخيريّةِ الإسلاميّةِ فِى مدينةِ بيين فِى سويسرة قبلَ إعطاءِ الطّريقةِ الرّفاعيّةِ وهوَ فِى بيانِ عقيدةِ أهلِ السّنّةِ والطّريقةِ الرّفاعيّةِ.
قالَ رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً:
الـحمدُ للهِ ربّ العالـمينَ وصلاةُ الله وسلامُه على سيّدنا مـحمَّدٍ وعلى ءالـهِ وصحبهِ.
     أما بعدُ فقَد قالَ البخارىُّ العِلـمُ قبلَ الـقوِل والعملِ واسْتَدَلَّ لذلكَ بهذهِ الآيةِ: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ1. مَعنـى كلامِ البُخارىّ أنَّ العلـمَ هوَ أساسُ الدّينِ، وأشرفُ العلـمِ العلـمُ باللهِ وبرسولهِ وبأمورِ دينهِ الاعتقاديّةِ والعَمَلِيَّةِ. الاعتقاديّةُ هِىَ ما يـجبُ اعتقادُه مِن أمورِ الدّينِ بالـقلبِ والعمَليّةُ هِىَ التِى تُعمَلُ بالبَدنِ كالصّلاةِ والصّيامِ والزّكاةِ والـحجّ والنّطقِ بالشّهادتينِ. والأساسُ مِن هذا الذِى هوَ الأصلُ العلـمُ باللهِ وبرسولِه أى مَعرفةُ اللهِ والإيمانُ بهِ وإفرادُهُ بالعبادةِ والإيمانُ برسولِه مـحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فلَا تُقبَلُ صلاةٌ ولا زكاةٌ ولا صيامٌ ولا حجٌّ ولا شهادةٌ إلّا بعدَ العلـمِ باللهِ ورسولهِ بعدَ ذلكَ تنفعُ الشّهادةُ أشهدُ أنْ لا إله إلَّا اللهُ وأشهَد أنَّ مـحمَّدًا رَسولُ اللهِ والصّلاةُ والزّكاةُ. كلُّ هذهِ الأشياءِ بعدَ مِعرفةِ اللهِ ورسولهِ بعدَ الإيمانِ بهما تنفعُ لأنَّ فِى هذهِ الآيةِ: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِقَدَّمَ ذِكْرَ العلـمِ باللهِ حتى يُفْهِمَنا أنهُ لا يُقبل شىءٌ مِن العباداتِ إلا بعدَ العلـمِ باللهِ فكانَ أفضلُ الأعمالِ التوحيدَ.
والآنَ أشرحُ لكُم بعونِ اللهِ مَعرفةَ اللهِ. اللهُ تباركَ وتعالى مَوجودٌ ليسَ كالـموجوداتِ. الـموجوداتُ سِوَى اللهِ ما كانت موجودةً إلا بعدَ أنْ خَلَقَها اللهُ. ما كان عالَمٌ كثيفٌ ولا كان عالَمٌ لطيفٌ قبل أنْ يَخْلُقَهُما اللهُ. العالـمُ اللطيف هو ما لا يُجَسُّ باليدِ كالضّوءِ، ضوءِ الشّمسِ وضوءِ الـقمرِ وضوءِ الكهرباءِ وضوءِ النّارِ هذا لا يُضْبَطُ باليَدِ. أما الشّمسُ والـقمرُ والنّجومُ يُمْكِنُ أنْ تُجَسَّ باليدِ أما ضوءُ هذهِ الأشياءِ لا يُمكن ضبطُهُ باليدِ، والرّيـحُ كذلكَ والظّلامُ كذلكَ كلُّ هذهِ الأشياءِ لا تُضبطُ باليدِ لا تُجَسُّ باليدِ. هذا العالـمُ اللطيفُ.
أما العالـمُ الكَثيفُ فهو ما يُمكن جَسُّهُ باليدِ كالإنسانِ والشّجرِ والـحجرِ والشّمسِ والـقمرِ والنّجومِ والأرضِ والسّمواتِ والعرشِ.
هذهِ الأشياءُ كلُّها اللطائفُ والكثائفُ مَا كانَت مَوجودةً قبلَ أنْ يَخْلُقَها اللهُ. وجودُها لهُ ابتداءٌ أما اللهُ تعالى وجودُه ليسَ لهُ ابتِداءٌ فلذلكَ لَا يشبهُ الإنسانَ ولا الضّوءَ ولا الظّلامَ ولا الرّيـحَ ليسَ حجمًا لَطيفًا ولَا حَجمًا كثيفًا لأنَّ الـحجمَ ما كانَ مَوجودًا قبلَ أنْ يَخْلُقَهُ اللهُ فكيفَ يكونُ اللهُ حَجمًا فهوَ أىِ اللهُ مَوجودٌ ليسَ حَجمًا كثيفًا ولا حجمًا لطيفًا موجودٌ لا ابتداءَ لوجوده فلَو كانَ اللهُ تعالى حَجمًا لكانَ لهُ أمثالٌ كثيرٌ.
لو كانَ الله تعالى حجمًا لـم يكن أَوْلَى بالألوهيةِ من الشّمسِ. هذهَ الشّمسُ حَجمٌ كبيرٌ مُنِيرٌ ومَنظرُهُ حَسَنٌ ونَفْعُهُ كبيرٌ مع هذا لا يـجوز أن تكون الشمس إِلَـٰهًا فَرَبُّ العالـمينَ الذِى خَلَقَ كلَّ شىء لا يكون حجمًا. هىَ هذهِ الشّمسُ مع كَونها حجمًا كبيرًا وجميلًا وكثيرَ النّفعِ تَنفعُ البَشرَ تنفعُ النباتَ تنفعُ أجسامَ النّاسِ وأجسامَ البهائمِ مع ذلك لا يـجوزُ أنْ تكونَ إِلـَٰهًا إذَنْ اللهُ ليسَ حجمًا بالـمرّةِ. لا يـجوز أن يكون حجمًا كبيرًا ولا حجمًا صغيرًا. مَنِ اعتقدَ أنّه حجمٌ كبيرٌ ما عَرَفَهُ ومنِ اعتقدَ أنّه حجمٌ صغيرٌ ما عَرَفَهُ. الـحجمُ إنْ كان كبيرًا أو صغيرًا أو لطيفًا أو كثيفًا فهوَ مخلوقٌ. اللهُ لا يكون كذلك فالذِى يَقولُ اللهٌ جسمٌ قاعِدٌ على العرش كالوهّابيّةِ ما عرفوا اللهَ. عندَهم اللهُ جسمٌ كبيرٌ مَلَأَ العرشَ وبعضُهم يقولُ أخذَ بعضَ العرشِ. هذا جهلٌ وضلالٌ. ما عرف اللهَ مَن يعتقدُ أنَّ اللهَ جسمٌ قاعِدٌ على العرش. لا يوجد فوقَ العرشِ جسمٌ قاعِدٌ يُدَبّرُ العالـمَ. اللهُ تعالى كان موجودًا قبلَ العرشِ وقبلَ الـجهاتِ السّتّ فوقٍ وتحتٍ ويمينٍ وشِمالٍ وأمامٍ وخَلْفٍ قبلَ هذا كُلّهِ كانَ موجودًا بدون تَحَيُّزٍ فِى جهةٍ مِن الـجهاتِ.
الـحجمُ يكونُ لهُ تحيُّزٌ فِى جهةٍ منَ الـجهاتِ. اللهُ خلقَ بعضَ العالَمِ وجعلَهُ فِى جهةِ فوق. العرشُ والـملائكةُ الذينَ يطوفونَ بهِ كما نحنُ نطوفُ بالكعبةِ فِى مكةَ هؤلاء مَركَزُهُمْ هناك يُصَلُّونَ صفوفًا ليسَ بينها اختِلافٌ يُصَلُّونَ على العرشِ ويطوفونَ بهِ لكنْ ليسَ مَسْكَنُهُمُ العرشَ إنّما للصّلاةِ يُصلُّونَ عليهِ لأنهُ لا يمكن الصّلاةُ فِى الـهواءِ فِى الفَراغِ كيفَ يكونُ السّجودُ فِى الـهواءِ، الصّلاةُ لا بدّ لها مِن شىءٍ جامدٍ توضعُ عليهِ الوجوهُ فالـملائكةُ عندَما يطوفونَ بالعرشِ يكونونَ خارجَهُ حَوْلَهُ وعندَما يُصلّونَ يُصلّونَ عليهِ. أينَ يُصلّونَ إنْ لـم يُصلُّوا على العَرشِ، أما ربُّ العالـمينَ ليسَ شيئًا متحيّزًا فِى مكانٍ لا فِى جهةِ فوقٍ ولا فِى جهةِ تحتٍ.
اللهُ تباركَ وتعالى خلقَ الـحجمَ الصّغيرَ كحَبَّةِ الـخَرْدَلِ ثمّ خَلَقَ ما هو أكبرُ منها حبّةَ السّمْسِمِ ثمّ خلقَ ما هوَ أكبر من حبّة السّمسمِ حبّةَ العَدَسِ ثمّ خلقَ ما هو أكبرُ مِن ذلكَ حبّةَ الـقَمْحِ ثمَّ ما هوَ أكبر من ذلكَ كالبِطّيـخِ ثم ما هوَ أكبرُ مِن ذلكَ كالإنسانِ ثمَّ ما هو أكبر من ذلكَ كالسّماءِ ثمَّ ما هوَ أكبر من ذلكَ كالكرسِىّ الذِى هوَ فوقَ السّمواتِ السَّبْعِ ثمَّ ما هوَ أكبر منَ الكرسِىّ وهو العَرشُ، فالشّمسُ لِمَ لَمْ يَكن حَجمُها أكبرَ من هذا أو أصغرَ، ولِمَ لَمْ يكن لونُها غيرَ هذا البَياضِ، ولِمَ لَمْ تَكُنْ باردةً كالـقمرِ، فَهِىَ بـما أنها لها حجمٌ مخصوصٌ ولَوْنٌ مخصوصٌ وصفةٌ مخصوصةٌ لا تَصْلُحُ أنْ تكونَ إِلَٰهاً إنَّما الإلَـهُ هوَ الذِى خَلَقَها على هذا الشّكلِ على هذا الـحجمِ على هذه الصّفةِ وخَلَقَ كُلَّ شىءٍ على حَجمهِ الذِى هو عليهِ. حبّةُ الـخردلِ ما هِىَ اختارتْ أنْ تكونَ على حَجْمِها الصّغيرِ، والشّمسُ ما اختارتْ أنْ تكونَ على حَجْمِها هذا، والعرشُ ما اختارَ أنْ يكونَ على حَجْمِهِ الذِى هو أكبرُ حَجْمٍ، كلُّ هذه الأشياءِ تحتاجُ لِمَنْ جَعَلَها أنْ تكونَ على حجمِها الـخاصّ فالذِى خَلَقَها لا يكونُ له حجمٌ.
ثمَّ أرادَ الشيـخُ عبدُ اللهِ رحمهُ اللهُ أن يُعطِىَ الطّريقةَ فقالَ مَنْ يُرِيدُ الطّريقةَ وصلَّى ركعَتَىِ التّوبةِ فَلْيَسْتَقْبِلِ الـقبلةَ.
الطّريقةُ الرّفاعيّةُ هِىَ أولُ طريقةٍ ظَهَرَتْ وكذلكَ الـقادريّةُ ثم بَعْدَهُما ظهرتْ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ.
الطّريقةُ سُنَّةٌ حَسنةٌ لأنَّ كلَّ شىءٍ أحدثَهُ فِى الدّينِ العُلـماءُ الأتقياءُ وهوَ يوافقُ الـقرءانَ والـحديثَ فهو سُنَّةٌ حسنةٌ يُقَرّبُ إلى اللهِ فالطّريقةُ الرّفاعيّةُ والطّريقةُ الـقادريّةُ هما أَوَّلُ طريقتينِ ثمَّ بعدَهما ظهَرت طُرُقٌ أخرى النّقشبنديّةُ والشّاذِلِيَّةُ والبَدَوِيَّةُ إلى عَدَدٍ كثيرٍ.
زَمَنُ الشّيـخِ أحمدَ الرّفاعِىّ هو زَمَنُ الشّيـخِ عبدِ الـقادرِ الـجِيلانِىّ كانا بالعراقِ فِى عصرٍ واحدٍ الشّيـخُ عبدُ الـقادرِ ببغدادَ والشّيـخُ أحمدُ الرّفاعِىُّ فِى واسِط. أولياءُ ذلكَ الزّمنِ كانوا يقولونَ الشّيـخُ أحمدُ الرّفاعِىُّ أفضلُ أولياءِ ذلكَ الزّمنِ. تُوُفِى الشّيـخُ أحمدُ الرّفاعِىُّ سنةَ خمسِمائةٍ وثمانيةٍ وسَبعينَ منَ الـهجرةِ. ثمَّ فِى حياتهِ خَلَّفَ خلقًا كثيرًا فبلغَ عددُ خلفائهِ أى نُوَّابِهِ وخلفاءِ خلفائهِ مائةً وثمانينَ ألفَ خليفةٍ. فِى حياتِه بلغَ عددُهم مائةً وثمانينَ ألفًا.
كانَ رضىَ اللهُ عنهُ لهُ خالٌ يُسمّى الشّيـخَ مَنصورًا البَطائحِىَّ منَ الأولياءِ فِى العراقِ، خالُ السّيّدِ أحمدَ الرّفاعِىّ رأى الرّسولَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فِى الـمنامِ فقالَ لهُ الرّسولُ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم بَشّرْ أختَكَ بأنّها سَتَلِدُ بعدَ أربعينَ ليلةً ولَدًا يكونُ سيّدَ الأولياءِ كما أنا سيّدُ الأنبياءِ. هذا دليلٌ على أنهُ أفضلُ أولياءِ ذلكَ الزّمنِ وما بعدَ ذلكَ الزّمنِ إلى يومِنا هذا.
هوَ رضىَ اللهُ عنهُ أحمدُ بنُ عَلِىّ، حُسَيْنِىٌّ مِن ذرّيّةِ سيّدِنا الـحسينِ بنِ عَلِىّ بنِ أبِى طالبٍ رَضِىَ الله عنهُم. يُسمَّى أبا العبّاسِ ويُسمَّى أبا العَلَمَينِ لأنه أَخَذَ مرّتَينِ عَلَمَ الغَوْثِيَّةِ مرّتَينِ أخذَ رئاسةَ الأولياءِ، عَلَمَ الرّئاسةِ مرّتَينِ أَخَذَ، لذلكَ يسمونه أبا العَلَمينِ. ويُسَمَّى أيضًا شَيـخَ العُرَيْجاءِ. هذا أىْ تلقيبُهُ بشيـخِ العُرَيـجاءِ سببهُ أنهُ مرّةً ذهبَ إلى قريةٍ فيها جماعتُهُ بالعراقِ يقالَ لها الـحَدّادِيَّةُ فاستَقبلَهُ أهلُها وكانَ فيهِم بنتٌ صَغيرةٌ عَرْجاءُ حَدْباءُ ظَهْرُها مُتَقَوّسٌ قَرْعاءُ ليسَ على رأسِها شَعرٌ فتوجَّهتْ إلى الشَّيـخِ فقالَت يا شيـخِى كرهتُ نفسِى مِن شدّةِ ما تستهزئُ بِى بناتُ الـقَريةِ فدَعا لها سيّدُنا أحمدُ فاستقامتْ رِجْلُها فِى الـحالِ وظَهرُها ونبتَ شعرُ رأسِها فِى الـحال فِى الوقتِ فلـمّا رأى النّاسُ هذهِ الكرامةَ سَمَّوْهُ شيـخَ العُرَيْجاءِ معناهُ الشّيـخُ الذِى شَفِى البِنتَ العرجاءَ الصّغيرةَ.
الآنَ نُلقّنكُم الطّريقةَ. قبلَ تلقينِ الطّريقةِ أقولُ ثلاثَ مرّاتٍ لا إله إلا الله فتَردّونَ خلفِى ثلاثَ مَرَّاتٍ معَ رفعِ الصّوتِ أى لغَيرِ النّساءِ وتَغميضُ العَينِ أحسنُ.
ثمَّ تعوَّذَ الشَّيـخُ مِنَ الشّيطانِ الرّجيمِ وقرأَ الفاتحةَ سِرًّا ثلاثَ مرّاتٍ ثمَّ قرأَ: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ2 ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا3 ثمَّ قالَ لا إله إلَّا الله فردَّدَ الـحاضرونَ خلفهُ ثمَّ مرّة ثانية ثمَّ ثالثة ثمَّ قالَ أُجيزُكم بالطّريقةِ الرّفاعيّةِ أنْ تقولوا صَباحًا ومساءً أستغفرُ اللهَ العظيمَ وأتوبُ إليهِ مائةَ مرةٍ اللهم صَلّ على سيّدِنا مـحمَّدٍ وعلى ءالـهِ وصحبهِ وسلّم مائةَ مرّةٍ لا إله إلَّا الله مائةَ مرّةٍ. هذهِ هىَ الطّريقةُ الرّفاعيّةُ الاستِغفارُ مائةَ مرّةٍ صباحًا ومساءً بصِيغةٍ مخصوصةٍ ثمَّ الصَّلاةُ على النّبىّ مائةَ مرّةٍ بصِيغةٍ مخصوصةٍ ثمَّ لا إله إلَّا الله مائةَ مرَّةٍ تُقرأُ صباحًا بعدَ الفجرِ ويمتدُّ وقتُ الصّباحِ إلى نحوِ أربعِ ساعاتٍ ومساءً ووقتُ الـمساءِ منَ الغروبِ إلى نحوِ أربعِ ساعاتٍ. فِى هذا الوقتِ يقرأُ الـمريدُ الوردَ الرّفاعىَّ. وَمَنْ فاتهُ الوَقتُ الأصلِىُّ يَقرأُ فِى وقتٍ ءَاخَرَ.
ثمَّ مَنْ واظبَ على هذهِ الطّريقةَ يَلْقَى فِى الدّنيا لُطفًا منَ اللهِ ولا سيّما عندَ الـموتِ. يُنجيهِ اللهُ مِن أنْ يَتَخَبَّطَهُ الشَّيطانُ تلكَ السّاعة وفِى الآخرةِ يُرجَى لهُ ذُخْرٌ كبيرٌ. كانَ سيّدُنا أحمدُ الرّفاعِىُّ فِى زمانهِ يُدَرّسُ أولَ النّهارِ وءاخِرَ النّهارِ فِى عِلْمِ الدّينِ. معَ الذّكْرِ يُعَلّمُ علـمَ الدّينِ لأنَّ علـمَ الدّينَ هو أساسُ العباداتِ. الطّريقةُ دونَ أنْ يَعْرِفَ الإنسانُ العَقيدةَ لا تنفعُ، الطريقةُ لا تنفع إلا بعدَ تَعَلُّمِ العقيدةِ وبعضِ الضّروريّاتِ. ثمَّ يومَ الـخميسِ كانَ يَجْلِسُ فِى مجلسِ الوعظِ يَجْتـمعُ عليه خَلْقٌ كثيرٌ. وفِى ليلةٍ منَ السّنةِ تُسَمَّى ليلةَ الـمَحْيا يـجتـمعُ عنده مِائَةُ ألفِ شخصٍ يُطعِمهم ويَسقِيهم كلَّ هذا الـخلقِ بِسِرٍّ رَبّانِىّ.
ثمَّ بعدَ وَفاةِ الشّيـخِ رَضِىَ اللهُ عنهُ ظَهرتْ كَراماتٌ لـمشايـخِ طَريقتِهِ، اللهُ ذَلَّلَ لهم الثّعابينَ لا تؤذيهِمُ الثّعابينُ، والعفاريتُ كِبارُ الشّياطين يَهابونَهم. كذلكَ النّارُ كانوا إذا أرادوا أنْ يُقيموا حَضرةً فِى بعضِ الأيام يُشعلون نارًا عظيمةً يَدْخلونها ويَذكرونَ اللهَ فيها حتّى تنطفئَ لا تؤذيهم.
ثمَّ قالَ رحمه الله الآنَ أُجيزُكم أى أُعطيكُم الإذنَ بالطّريقةِ أجَزتكم بالطّريقةِ الرّفاعيّةِ قولوا قَبِلْنا فقالوا قَبِلْنا.
ثمَّ أوصَى رحمهُ اللهُ قائلًا الصّيغُ الثّلاثُ لو كُتبَت بخطٍّ واضحٍ وعُلّقَتْ هنا حتى ينظرَ الذِى لـم يـحفظْها فيراها.
ثمَّ أوصيكُم بالاهتـمامِ بهذا الـمركزِ لأنَّ هذا الـمركزَ يُعَلّمُ عِلْمَ أهلِ السنةِ.
ثمَّ عليكُم بالتّحابّ فِى اللهِ تعالى عليكُم بالتّحابّ والتّناصُحِ. إذا تحابَّ اثنانِ مِنَ الـمسلـمينَ فِى اللهِ تَعالى ليَتعاونا على الـخيرِ ويَتناهيا عَنِ الشّرّ ليسَ للدّنيا اللهُ يـجعلُهما تحتَ ظلّ العرشِ يومَ الـقيامةِ. لَا يُصيبُهما حرُّ الشّمسِ.
انتهى والله تعالى أعلـم وأحكم.
------------------

1-  سورة مـحمد/الآية 19. 
2- سورة النحل/ الآية (91).
3- سورة الفتح/الآية 10.


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2