من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 بيان أسس الإيمان وركائزه

الدرس الـخامس والثلاثون
بيان أسس الإيمان وركائزه

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
   درس ألقاه الـمـحدث الفقيه الشيـخ عبد الله بن مـحمَّد العبدرىّ رحمه الله تعالى فِى مركز أهل السنة والـجماعة فِى مدينة نيس فِى فرنسة ليلة الأربعاء الـحادى والعشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق للحادي والعشرين من شهر أيلول سنة ألفين ر وهو فِى بيان أسس الإيمان وركائزه.
قال رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً:
الـحمد لله رب العالـمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّد الـمرسلين سيِّدنا مـحمَّد وعلى إخوانه من النبيين وعلى ءالـه الطاهرين.
أما بعد فإنَّ أعظم نِعَمِ الله تعالى على عباده عقيدة أهل السنة. عقيدة أهل السنة هِىَ التِى علـمها رسول الله الصحابة ثم هم علّموا من لقيهم من التابعين ثم التابعون علّموا أتباع التابعين وهكذا وصلت إلينا جيلًا بعد جيل. وعقيدة أهل السنة هى عقيدة أنبياء الله ورسله مِن ءَادَمَ إلى عيسى إلى سيدنا مـحمَّد. وهذه العقيدة أساسها معرفة الله على الوجه الذِى كان عليه الرسول والصحابة. أساس هذه النعمة معرفة الله ثم الإيمان برسوله مـحمَّد صلى الله عليه وسلـم. من عرف الله كما ينبغِى وَءَامَنَ بالله ورسوله فهو مسلـم ويقال له مؤمن. الـمسلـم والـمؤمن بـمعنـى واحد. مَنْ كان كاملًا يسمى مسلـمًا مؤمنًا ومن لـم يكن كاملًا فهو مسلـم مؤمن الـمسلـم والـمؤمن بـمعنـى واحد. الـمؤمن الـمُعْتَبَرُ هو الـمسلـم والـمسلـم الـمُعْتَبَرُ هو الـمؤمن. ليس كما يظن بعض الناس أن الـمؤمن هو الـمسلـم التقىُّ أمَّا غيرُ التقىّ فلا يُسَمَّى عندهم مؤمنًا، هذا غلط. الـمسلـم مهما كان متلوثًا بالذنوب والـخطايا فهو مؤمن. لكن الإسلام والإيمان درجتان درجة الكمال وهى التقوى ودرجة دون درجة الكمال. درجة الكمال فِى الإيمان والإسلام هى التقوى وهى عبارة عن أداء الواجبات كلها واجتناب الـمـحرمات كلها.
ومن جملة الواجبات تعلـم علـم الدين الضرورىّ فمن تعلـم علـمَ الدين الضرورىَّ وأدَّى كلَّ الواجبات الشرعية وتجنب كل الـمـحرمات فهو الـمسلـم الكامل وهو الـمؤمن الكامل. والفرق بين الـمسلـم الكامل أى الـمؤمن الكامل وبين الـمسلـم غير الكامل أى الـمؤمن غير الكامل أنَّ الـمؤمن الكامل ليس عليه خوف ولا حزن فِى الـقبر ولا فِى الآخرة أبد الآباد لا يـحصل له شىء يزعجه ويقلقه فِى الـقبر ولا فيما بعد الـقبر. هذا الذِى قال الله تعالى فيه فِى سورة يونس: ﴿أَلَآ إِنَّ أَوْلِيَآء اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾1
ثم هذا الـمؤمن الكامل الذِى يقال له ولىٌّ الله قد يعرف نفسه أنه ولىٌّ وقد لا يعرف. كثيرٌ من الأولياء لا يعرفون أنهم أولياء إنـما يعرفون عند الـموت. الـملائكة الذين يأتون ليقبضوا روحه مع عزرائيل يسلـمون عليه بقولِ السَّلام عليك يا ولىَّ الله فلا يبقى عنده خوفٌ بعد ذلك من الـموت ولا يـخاف من الـقبر ولا مما بعد ذلك بل يُحِبُّ أنْ يَخرج من الدنيا بسرعة لأنه عرف أنه لا يصيبه فِى الـقبر نَكَدٌ ولا وَحْشَةٌ ولا شَىْءٌ مما يزعجه ويَبْقَى فرحه واطمئنان قلبه أبد الآباد. مدةُ يوم الـقيامة قدرُ خمسين ألف سنة. هذه الـمدةُ الطويلةُ على الوَلىّ كأنها مِن تَدَلّى الشمس للغروب إلى غروبها أى نحو ساعة أو ساعة ونصف. كل هذه الـمدةِ خمسون ألف سنة يـجعلها الله عليه مقدار ساعة ونصف تقريبًا. لـما يكون الناس تحت حر شمس يوم الـقيامة هو يكون فِى ظل العرش لا يصيبه ظمأ ولا جوع ولا ملل من طول يوم الـقيامة.
ويشارك الولىَّ فِى الكون تحت ظل العرش فِى الآخرة أناسٌ ءاخرون ليسوا من الأولياء منهم الشاب الذِى نشأ فِى طاعة الله، والـمسلـمان اللذان يتحابان فِى الله لا للدنيا ولا للقرابة بل هذا يـحب أخاه لله وهذا يـحب هذا لله لا يتعاونان على الـمعصية بل يتعاونان على الـخير لأنهما لـم يتحابَّا للنسب ولا للـمال ولا للهوَى، كذلك الـمسلـم إذا ذكر الله فحصل له خوف من الله وكان وحده لا يكون معه غيره فِى خلوة فبكى من خشية الله هذا أيضًا كذلك لا يصيبه حر شمس يوم الـقيامة بل يكون فِى ظل العرش وأناسٌ ءَاخَرُونَ غيرُ هؤلاء ليسوا أولياء لكنهم مسلـمون كانت لهم هذه الصفات.
وبعد هذين الأصلين للإسلام الإيمانِ بالله والإيمانِ بالرسول صلى الله عليه وسلـم يوجد خمسة أشياء فِى الاعتقاد كلٌّ الأنبياء مشتركون فيها.
هذه الـخمسة أولُهَا الإيمان بالـملائكة أى الإيمان بوجود ملائكة الله الذين هم عباد الله مكرمون مطيعون لله تعالى رئيسهم جبريل وثانيها الإيمان بكتب الله الـمنزّلة على بعض الأنبياء كالتوراة والإنجيل والزبور والـقرءان الكريم. هذه الأربعة هى الكتب الـمشهورة أكثر من غيرها والله أنزل كتبًا غيرها على بعض الأنبياء هِىَ مائة كتاب غير هؤلاء الأربعة أنزلها الله على بعض الأنبياء. والأمر الثالث من هؤلاء الـخمسة الإيمان بأنبياء الله أى أنَّ الله أرسل لعباده الإنس والـجن أنبياءَ من البشر، والأنبياء كلُّهم من البشر. يـجب التصديق بأن الله تعالى أرسل أنبياء أولهم ءَادَمُ وَءَاخِرُهُمْ مـحمدٌ. ورابعها الإيمان باليوم الآخر أى أن الله تعالى يُعِيدُ البشرَ والـجنَّ والـملائكةَ بعدما يموتون يُعيدهم لحياة ثانية لا نهاية لها يُجَازَى فيها الإنسان بعمله.
ثم الأمر الأخير الإيمانُ بالـقَدَرِ أى أن الله تعالى هو الذِى يُوجِد كلَّ شىء بقدرته ومشيئته وعلـمه. الأجسام والـحركات والسكنات والنطق والنظر والتفكير كل هذا هو الذِى يـخلقه لا خالـق سواه.
فكل الأنبياء هذا دينهم إنـما الفرق بين الأنبياء أن الله تعالى أوحى إلى نَبِىّ بشىءٍ ثم أَوْحَى إلى نبىّ ءَاخَرَ بأمرٍ ءَاخَرَ. الصلاة فِى دين كل نبىّ. لكن بعض الأنبياء الله فرض عليهم صلاتين وبعضهم صلاة واحدة وبعضٌ خمس صلوات وبعضٌ خمسين صلاة. وبعضهم جعل الزكاة فِى شرعهم ربع مال الشخص، وبعضٌ فِى الذهب والفضة ربعُ العشر وهو شريعة مـحمد صلى الله عليه وسلـم الله شرع لـمـحمَّد أن تُزَكّىَ أمتُهُ الذهب والفضة ربع العشر. هذا خفيفٌ بالنسبة لأولئك الذين فُرض عليهم أن يدفعوا ربع الذهب والفضة الذِى عندهم. والصلاةُ كان الله تعالى فرض على كلّ الأنبياء قبل نبينا مـحمد أن يصلوا فِى مكانٍ مخصوصٍ أما لسيَّدنا مـحمَّد فرخَّص الله له ولأمته أن يصلوا فِى كل مكان فِى الـمساجد والبيوت والأسواق والبرّيّة والـجبال وفِى السفن أما أولئك الأنبياء فكانتْ لا تصح الصلاة منهم إلا فِى مكانٍ هُىّءَ للصَّلاة فقط ونحو ذلك.
أما فِى الأصول الستة أى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالـقدر خيره وشره فكلُّ الأنبياء متفقون. كذلك الله تعالى شرع لكل نبىّ تحريمَ أكل الـميتة والدم ولحم الـخنزير وما يُرفع عليه اسمُ غيرِ اللهِ عند الذبـح. هذه الأربعة مـحرمة فِى كل الشرائع أكل الدم والـميتة ولحم الـخنزير وما رُفِعَ عليه اسم غير الله. الـمسلـمون يرفعون على الذبيـحة اسمَ الله يقولون بسم الله والله أكبر أما ما رُفِعَ عليه اسمُ غيرِ الله فهو حرام فِى كلّ شرائع الأنبياء. لا تختلف شرائعهم فِى ذلك. كذلك تحريم الزنا كان فِى كل الشرائع. والوضوء كان فِى الشرائع التِى قبل شريعة مـحمَّد صلى الله عليه وسلـم.
ثم إنّ بعض الشرائع فِى بعض الأحكام التِى أنزل الله تعالى على أنبياء تلك الشرائع أخف من الأحكام التِى أنزلها على بعض وأحيانًا يكون عكس ذلك. وليس الأمر كما يظن بعض الناس أن شريعة مـحمَّد أثقل الشرائع بل شريعة مـحمَّد سمـحةٌ سهلةٌ. أولئك الأنبياء الذين قبلنا وأُمَمُهُمْ الصَّلاةُ إذا حان وقتها يـجب عليهم أن يذهبوا إلى الـمكان الذِى خُصّصَ للصَّلاة لو كان يأخذ الوصول إليه وقتًا طويلًا أما عندنا فِى شريعة مـحمَّد الشخص متى ما دخل الوقت يُصَلّى فِى بيته أو فِى دكانه أو فِى بستانه فِى أىّ مكانٍ يُصَلّى. لكن أيامَ موسى عليه السَّلام فرعون كان هدم مساجد بنـى إسرائيل الـمسلـمين فرخّص اللهُ تعالى لهم أن يصلوا فِى بيوتهم، فِى هذه الـحالة كان يـجوز لهم أن يصلوا فِى بيوتهم أما فيما قبل ذلك كانوا يتكلفون الذهاب إلى الـمكان الـمخصوص للصَّلاة ففرقٌ كبير بين شريعة سيدنا مـحمد للصلاة وبين شرائع الأنبياء الأولين.
واعلـموا أن أهمّ الأمور فِى الدين هو معرفة الله والإيمان به. الله تبارك وتعالى موجود لا يشبه شيئًا كما يقول الـقرءان فِى سورة الشورى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ2 معنـى هذه الآية أنّ الله تعالى لا يشبه الإنسان ولا الـملائكة ولا الضوء ولا الظلام ولا الريـح ولا الروح ليس جسمًا كثيفًا يمكن ضبطه باليد وجسّه وليس جسمًا لطيفًا لا يضبط باليد كالضوء. ضوء الشمس وظلام الليل شيئان موجودان لكن ليسا مما يُضْبَطُ، وكذلك الـهواءُ، فالله تعالى ليس كهذا ولا كهذا. ثم الله تعالى خلق الـجسم الصغير الذِى لا تراه العيونُ وخلق جسمًا صغيرًا تراه العين كحبة الـخردل وخلق ما هو أكبر منها ثم ما هو أكبر ثم ما هو أكبر ثم ما هو أكبر إلى أن انتهى كِبَرُ الـحجم بالعرش وهو قادر على أن يَخْلُقَ أكبرَ من العرش. فالله تعالى الذِى خلق الـحجم الصغير والـحجم الكبير لا يـجوز أن يكون حجمًا صغيرًا ولا حجمًا كبيرًا.
ثم إنه تعالى لا يشبه مخلوقَهُ فِى صفات الـمخلوق. صفات الـمخلوق كالـحركة والسكون. بعض الـمخلوقات جعلها الله متحركة دائمًا وهى النجوم. النجومُ ما فيها نجم إلا وهو متحرك لكن بعضها لا تظهر حركتُهُ إلا بطول الـمراقبة. وبعض الـمخلوقات جعلها الله دائمًا ساكنة. العرش والسموات السبع والكرسىُّ الذِى جُعل بين العرش والسموات السبع هذه ساكناتٌ دائمًا. وجعل الله البشرَ والـجن والـملائكة والبهائم والطيور ساكنين وقتًا ومتحركين وقتًا فهو تبارك وتعالى لا يـجوز أن يكون حجمًا متحركًا دائمًا ولا يـجوز أن يكون حجمًا ساكنًا دائمًا ولا يـجوز أن يكون حجمًا يسكن وقتًا ويتحرك وقتًا.
كذلك الـمخلوق قسمٌ منه فِى جهة فوق وقسم منه فِى جهة تحت. هو خلق الـجهات الست وجعل الـملائكة متحيزين فِى جهة فوق. قسمٌ منهم يطوفون بالعرش كما نحن نطوف بالكعبة وقسمٌ منهم ملازمون للسموات السبع وجعل الشمس والنجوم والـقمر متحيزين فِى جهةِ فوقٍ. وجعل البشر والـجن والبهائم متحيزين فِى جهةِ تحتٍ. والله تعالى لا يـجوز أن يكون متحيزًا فِى جهةِ فوقٍ كالـملائكة ولا يـجوز أن يكون متحيزًا فِى جهةِ تحتٍ بل هو موجود بلا مكان لأنه ليس حجمًا ليس حجمًا صغيرًا ولا حجمًا كبيرًا كالعرش ولا حجمًا كالأحجام التِى بين أصغر الـخلق والعرش.
ثم إن العالـم يتحول مِنْ حالٍ إلى حالٍ من صفةٍ إلى صفةٍ واللهُ يستحيل عليه أن يتحول من حال إلى حال. علـمه أزلىٌّ أبدىٌّ لا يزيد ولا ينقص ولا يتغير وقدرتُهُ كذلك ومشيئته كذلك. كل ما دخل فِى الوجود قبل هذا وما سيدخل فِى الدنيا وما سيدخل فِى الآخرة التِى لا نهاية لها كلَّ هذا عَلِمَهُ بعلـمٍ واحد وأوجده بـمشيئة واحدة وقدرة واحدة شاملة لكل هذه الأشياء. فما دام الإنسانُ يَظُنُّ أنَّ الله حجم صغير أو كبير فهو لا يعرف الله، هو جاهل بالله، أما إذا أخرج من قلبه اعتقادَ الـحجم فِى الله واعتقد أنَّ الله موجود لا يشبه الـموجودات متصفٌ بصفاتٍ لا تشبه صفات غيره فهذا عَرَفَ الله تعالى كما جاء فِى الـقرءان: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾3 أما ما دام يتصوّر فِى نفسه ويعتقد أن الله حجم كبير كالعرش أو أصغر من العرش كالسموات أو كالشمس أو كالـقمر أو كالـجبل أو كالإنسان فهو جاهلٌ بالله ولا يكون مؤمنًا إنـما الـمؤمن من عرفه تعالى كما يليق به.
هذا مذهب أهل السنة والصحابة ومَن تلقى علـم الدين مِن الصحابة ومَن تلقَّى مِن أولئك حتى وصل الأمر إلى زماننا هذا ويبقى هذا فِى أمة مـحمَّد إلى نهاية الدنيا. لكن شَذَّ أناسٌ بعد الصحابة صاروا يقولون الله جسم قاعد على العرش وشذَّ أناسٌ أيضًا فِى قولهم الإنسان يـخلق أفعالـه حركاته وسكناته. هذان الفريقان شَذُّوا أىْ خَرَجُوا عما كان عليه الصحابة ومَن تبع الصحابة جاؤوا بدين جديد. الذين قالوا الله قاعد على العرش دينهم جديد وهم الوهابية والذين قالوا إن الإنسان يـخلق أفعالـه النظرَ والـمَشْىَ والتفكيرَ والنُّطْقَ ليس اللهُ يـخلقها هؤلاء شَذُّوا كذبوا الـقرءان أيضًا وليسوا مسلـمين. الـقرءان يقول فِى سورة الرعد: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ4 ويقول فِى سورة الفرقان: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ5 الله خَلَقَ كلَّ ما دخل فِى الوجود من أجسام ومن حركات الأجسام وصفاتها. لا خالـق إلا هو.
ثم بعد أن مضى ستـمائة وستون سنة ظهر رجلٌ فقال التوسل بالرسول حرام إلا فِى حياته وبـحضوره. هذا الشخص هو أولُ مَنْ حَرَّمَ التوسلَ بالرسول والأولياء وكان الـمسلـمون قبله كلُّهم متفقون على أن التوسل بالأنبياء والأولياء جائز. ثم بعد أنْ مَضَى ألفٌ ومِائَتَا سنةٍ من تاريـخ الـهجرة ظهر رجل يقال له ابن عبد الوهاب مـحمد بن عبد الوهاب فقال الذِى يقول يا مـحمَّد كافر والذِى يقول يا رسول الله كافر. منذ مِائَتَىْ سنةٍ وشَىْءٍ ظهر هذا الدينُ دينُ الوهابية. الـمسلـمون من أيام الرسول إلى يومنا هذا يقولون يا مـحمَّد عند الفرح وعند الضيق. ما أنكر منهم أحدٌ إلا هذا الرجلُ مـحمَّد بن عبد الوهاب قال الذِى يقول يا مـحمد هذا عَبَدَهُ، قال لِمَ يناديه فهو كافر حلال الدم. وهذا الأمر تَشْهَدُ عليهم به كُتُبُهُمْ. فِى بعضِ حياةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلـم بعدما كان يـجوز أن يُنَادَى يا مـحمَّدُ حَرَّمَ الله أن يُنَادَى فِى وجهه يا مـحمَّد لأنه حصل من بعض العرب الـجفاة الـجهال إساءةُ أدبٍ مع الرسول وقفوا من وراء حجرته فقالوا يا مـحمَّد اخرج إلينا نادوه بشكل مخالف للأدب عندئذٍ حرّم الله على الأمة أن يُنَادَى الرسولُ فِى وجهه بلفظِ يا مـحمَّد أما فِى خلفه بعد هذا بَقِىَ جائزًا أن يُنَادَى يا مـحمَّد يا رسول الله. إنـما فِى ذلك الوقت تشريفًا للرسول الله حَرَّمَ أن يُنَادَى فِى وَجْهِهِ يا مـحمَّد إنـما يقال يا رسول الله أو يا نبىَّ الله تشريفًا له.
ثُمَّ حديثٌ نختـم به الـمجلس فيه بيانُ معجزة للرسول صلى الله عليه وسلـم. رجل من الصحابة اسمه عمرو بن أخطب الرسولُ صلى الله عليه وسلـم طلب شرابًا فقُدّمَ له ماءٌ فيه شعرة، هذا الرجل عَمْرُو بن أخطب نزع هذه الشعرة، الرسولُ دعا له قال: "اللهم جَمّلْهُ"، ثم هذا الرجل عاش ثلاثًا وتسعين سنة ما طلع له شيب ولا شعرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلـم دعا له فقال: "اللهم جمّلْهُ". هذا الشَّىءُ ما حصل فِى البشر منذ خلق الله الشيب. البشر ما كانوا يشيبون. أول من شاب إبراهيم ثم بعد أن حصل الشيب لإبراهيم ما أحد عاش تسعين سنة من غير أن يظهر له شعرةٌ من الشيب إلا هذا الرجل ببركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلـم أظهر اللهُ للرسول صلى الله عليه وسلـم معجزةً فِى هذا الرجل.
نُهَلّلُ ونُصَلّى على النبىّ.
انتهى والله تعالى أعلـم.
------------------

1- سورة يونس/ الآية (62)
2-  سورة الشورى/ الآية (11).          
3-  سورة الشورى/الآية (11).
4-  سورة الرعد/ الآية (16).
5-  سورة الفرقان/ الآية (2).


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2