من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 التحذير من الوهابية

الدرس العشرون
التحذير من الوهابية

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
    درس أعطاه الشيـخ الأصولِىُّ الـمُحَدّثُ عبدُ الله بن مـحمَّد الـهررِىُّ فِى السابع من ذى الـقعدة سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق للثاني عشر من شهر شباط سنة ألفين ر فِى بيت أحد الصوماليين فِى مدينة لوزان فِى سويسره وهو فِى التحذير من الوهابية.
قال رحمه الله رحمةً واسعةً:
الـحمد لله رب العالـمين وصلى الله وسلـم على سيَّد الـمرسلين وعلى ءالـه الطيبين.
وأما بعد فإنَّ أهمَّ أمورِ الدين الثباتُ على العقيدة التِى كان عليها الرسول والصحابة ومَن تَبِعَهُمْ إلى يومنا هذا. عقيدةُ أهل الـحق لـم تنقطع بل هى متصلةٌ من أيام الرسول إلى يومنا هذا لكن انحرف عنها ناس. مِن الذين انحرفوا عن هذه العقيدةِ الوهابيةُ وحزبُ الإخوان وحزبُ التحرير. هؤلاء الفرقُ الثلاثُ مُنْدَسُّونَ اليومَ بين الناس فِى بلاد العرب وغيرها.هذه الوهابيةُ أشهرُها وأكثرُها تأثيرًا لأنَّ معهم مالًا يفتنون الناس. ثم حزب الإخوان جماعة سيد قطب هؤلاء فتنتهم كبيرة ثم حزب التحرير هؤلاء فتنتهم كبيرة لكن أقل من الوهابية.
الوهابية ضلالـها معروف يعتقدون أنَّ اللهَ جسمٌ قاعدٌ على العرش. الله تعالى قال فِى الـقرءان الكريم: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ1 أى أنَّ الله لا يشبه العالـم بأىّ وجهٍ مِن الوجوه لأنَّ العالـمَ حجمٌ كثيفٌ وحجمٌ لطيفٌ واللهُ لا يكون حجمًا كثيفًا ولا لطيفًا كالعالَمِ. الـحجمُ الكثيفُ والـحجمُ اللطيفُ لـم يكن له وجود قبل أن يـخلقه الله ما كان نورٌ ولا ظلامٌ ما كان عرشٌ ولا سماءٌ كانوا معدومِينَ ثم أوجدهم الله. فالله الذِى كان قبل هذا كلّه لا يشبه الـمخلوقَ الذِى هو خَلَقَهُ. فالله تعالى موجود لا يشبه شيئًا من الـموجودات لا هو كالروح والنور والظلام ولا هو كالشجر والنجم والشمس والـقمر ولا هو مُتَّصِفٌ بصفاتها. الـحجم الكثيف والـحجم اللطيف له حركةٌ وسكونٌ مُتَحَيّزٌ فِى جهةِ فوقٍ أو فِى جهةِ تحتٍ واللهُ لا يكون هكذا. لو كان حجمًا كثيفًا لكان له أمثال كثيرٌ ولو كان حجمًا لطيفًا لكان له أمثال كثير. ثم هو ليس متصفًا بصفات هذا الـحجم الكثيف أو الـحجم اللطيف. الـحجم إن كان كثيفًا وإن كان لطيفًا إما متحركٌ وإما ساكنٌ ومِن الـحجم ما هو متحرك دائمًا ومن الـحجم ما هو ساكن دائمًا ومن الـحجم ما هو ساكن مرة ومتحرك مرة والله ليس كهذا كله.
لا يوصف الله تعالى بصفات الـخلق كالـحركة والسكون ولا يوصف بأنه فِى جهة فوق أو تحت مُنَزَّهٌ عن هذا كلّه. وقد رُوِىَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم: "لا فِكْرَةَ فِى الرَّبّ"2اهـ. معناه الله تعالى لا يـجوز أن يُتَفَكَّرَ فِى ذاته إنـما يُتفكر فِى مخلوقاته. ننظر فِى حال الأرض وفِى حال الـجَوّ فنأخذ من ذلك أن الله تبارك وتعالى هو أوجد هذه الأشياء بعد أن كانت معدومة فهو إذن لا يشبهها.
الله أمرنا بهذا التفكر فِى مخلوقاته لأن الإنسان إذا تفكر فِى نفسه يعرف أنه لـم يكن ولا يعرف نفسه إلا منذ زمن فيستنتج من هذا فِى قلبه أنه وجد بعد أن لـم يكن موجودًا فأىُّ شىء يكون موجودًا بعد أن لـم يكن موجودًا لا بد له مِن مُوجِدٍ خلقه. هذا التفكر فِى مخلوقات الله ينفعُ أما التفكر فِى ذات الله لا يـجوز لأن الله لا يشبه الـمخلوقات.
الله تعالى لا يشبه الشىء الذِى له ألوان لأنَّ اللون صفة الـمخلوق والـحركة والسكون صفة الـمخلوق ولا سيما الـجلوس. الـجلوس صفة الإنسان والبقر والـجن والـملائكة. هؤلاء من صفاتهم الـجلوس فكيف يكون الله تعالى قاعدًا على العرش كما تقول الوهابية. هؤلاء شتـموا الله ما مدحوه. عندهم عندما يقولون اللهُ قاعدٌ على العرشِ هذا تعظيمٌ عظيم لكنه فِى الـحقيقة شَتـم لله لأنهم جعلوه كالبشر والبهائم. الـجلوس لا يكون إلا لشىء له جزء أعلى وجزء أسفل وهذا مُركَّب والـمركب يـحتاج إلى مَن ركَّبه، الإنسان مثلًا هل هو أوجد نفسه اختار أن يكون على هذه الـهيئة جسم له نصفان أعلى وأسفل، لا إنـما وَجَدَ نفسه جسمًا له نصفان نصف أعلى ونصف أسفل، فربُّ العالـمين لا يـجوز عليه أن يكون جسمًا كهذا. ومن اعتقد أنه جسم قاعد على العرش ما عرف الله ومن لـم يعرف الله لا تصح عبادته. الإمام الغزالى قال رحمه الله: "لا تصح العبادة قبل معرفة الـمعبود" اهـ فلذلك تنزيهُ الله عن مشابهة الـخلق أهمُّ أمور الدين، لا تصح معرفة الله بدون ذلك.
ثم من ضلالات الوهابية أنَّ مَن يقولُ يا مـحمَّد عندهم كافرٌ والذِى يقول يا عبدَ الـقادر يا رفاعِىّ أَكْفَرُ. هذا جهل منهم. الـمسلـمون مِن أيام الرسول إلى الآن يقولون يا مـحمد. ما فيه ضرر بل فيه خير وبركة. الصحابة كانوا يقولون ومَن جاء بعدهم كانوا يقولون، إنـما هذه الوهابيةُ هذه الفرقة الـخبيثة هى حرمت ذلك. حتى إنَّ رأسهم الذِى كان قبل زعيمهم مـحمد بن عبد الوهاب والذِى مِن كُتُبِهِ أخذَ مـحمدُ بن عبد الوهاب أكثر ضلالاته اسمه ابن تيمية له كتاب يقول فيه: من أصابه شَلَلٌ فِى رِجله يقول يا مـحمَّد. عند الوهابية هذا كفر. هذا كتاب ابن تيمية الذِى هم يسمونه شيـخَ الإسلام هذا عندهم كلامه أقوى من كلام أبِى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعَلِىّ، هذا يقول مَن أصابه خَدَرٌ فِى رجله يقول يا مـحمدُ وعندهم من يقول يا مـحمد كفر. أمرهم عجيبٌ غريبٌ هذه الوهابية. زعيمهم الذِى يسمونه شيـخَ الإسلام ابن تيمية يقول مطلوبٌ لـمن أصابه خَدَرٌ فِى رجله أن يقول يا مـحمد.
هؤلاء تائهون ليسوا مسلـمين ليسوا مع السلف ولا مع الـخلف. هم يقولون نحن سَلَفِيَّةٌ حتى يظن الناس أنهم على طريقة السلف وهم كاذبون. هذا ابن تيمية كان منذ ستـمائة سنة أما دين الوهابية منذ مائتين وخمسين سنة لكن الوهابية يـحبون هذا ابن تيمية لأنه يوافقهم فِى أشياءَ أخرى. يذكر ابن تيمية هذا الأمر فِى الكتاب الذِى سماه الكَلِمَ الطَّيّبَ فِى فَصْلٍ فِى الرّجل إذا خَدِرَت، ولا يستطيعون أن ينكروا كون هذا الكتاب لابن تيمية لأنه فِى النسخ الـمخطوطة وُجِدَتْ قبل الطبع ومع هذا يقولون من قال يا مـحمَّد كافر.
قبل ثلاث سنوات كان واحد مِن جماعتنا فِى الـمدينة فسمع مُدَرّسَ الوهابيةِ الذِى يُدرّس فِى مسجد الرسول برخصةٍ من الدولة يقول ثلاثة أرباع الـمسلـمين كفارٌ لأنهم يقولون يا مـحمد يا عبد الـقادر وهذا مدرس رَسْمِىّ يقعد على كرسِىّ حتى يَسْمَعَهُ الناسُ وعنده الـمكبر يصل صوته إلى ءاخر الـمسجد.
ثم هذه التِى يقال لها رابطة العالـم الإسلامِىّ هى رابطة الفتنة. هم الذين ينشرون الكفر فِى الدنيا يأخذون الـمال من الدولة ومن الأغنياء الكبار فيصرفون هذا الـمال فِى نشر عقيدة الوهابية هذه الرابطةُ تحصّل مليار ريال كلَّ عامٍ لنشر عقيدتهم.
إنّى فَرِحٌ بهذا اللقاء وأحمدُ الله على تيسيره. اللهُ تعالى يبارك فيكم ويزيدكم مِن الـخير ويبعد عنكم الضلالاتِ والفِتَنَ. اللهُ يـحميكم ويـحفظكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن بِسِرّ الفاتحة.
انتهى والله تعالى أعلـم.
------------------

1- سورة الشورى/الآية (11).
2- رواه أبو القاسم الأنصاري في تفسيرهِ في تفسير قولِ اللهِ تعالى:{وأنَّ إلى رَبِّكَ الْمُنتَهَى}


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2