من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الثاني
 التحذير من زلقات اللسان الـموبقة

الدرس الـخامس والعشرون
التحذير من زلقات اللسان الـموبقة

جامع الخيرات - الجزء الثاني

جامع-الخيرات
     درس ألقاه الـمـحدث الشيـخ عبد الله بن مـحمَّد العبدرىّ رحمه الله تعالى فِى بيته وهو فِى التحذير من زلقات اللسان الـموبقة.
قال رحمه الله رحمةً واسعةً:
      الـحمد لله رب العالـمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا مـحمَّد وعلى ءالـه وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد فأوصيكم بوصية مَن عمل بها حفظ نفسه من الـموبقات وهى حفظ اللسان. الرسول عليه السَّلام ذكر أنه فيما أُنزل على إبراهيم من الصحف العشرة:"وعلى العاقِلِ أنْ يكون بصيرًا بزمانه مُقْبِلًا على شأنه حافظًا للسانه فَمَنْ حَسَبَ كلامه مِن عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه"1اهـ
حِفْظُ اللسان أمر مهم لأنَّ أكثر الـمهالك من اللسان. بسقطات اللسان قد يُفْسِدُ الشخصُ دِينَهُ وقد يُفْسِدُ بزلقات لسانِهِ أَمْرَ مَعِيشَتِهِ. كثيرٌ من الناس إما فِى حال مزح أو فِى حال غضب يستدرجهم الشيطان إلى الكفر بكلـمة خفيفة. الإنسان يـخرج من الإسلام من غير أن تكون نيته أن يترك الإسلام إلى دين ءَاخَرَ بكلـمةٍ يـخرج من دين الإسلام.
كثير من الناس يتكلـمون بكلـمات هى كفر فِى حكم الشرع تخرج من الإسلام وهم يتكلـمون بها كأنها ليس بها بأس ما فيها معصية.
علـماء الإسلام كلُّهم اتفقوا أنَّ مَن تكلـم بكلـمة معناها الاستخفاف برسول الله أو بـملائكة الله أو بأىّ نبِىّ من الأنبياء أنه يكفر سواءٌ قصد الـخروج من الإسلام إلى دين غيره أم لا وسواءٌ كان شارحًا صدره أو غير شارح صدره طالـما هو بعقله، ما نطق بها وهو غائب العقل ولا هى سبقُ لسان، ما لـم يكن كذلك يـخرج من الإسلام. على هذا علـماء الإسلام من أيام الرسول إلى الآن إلا الذِى هُدّدَ بالـقتل على أن يقول كلـمة الكفر على أن يَسُبَّ النبِىَّ مـحمَّدًا أو يقول عيسى ابن الله أو يسجد لصنـم الذِى هُدّد بالـقتل لا يكفر إذا قال تلك الكلـمة لينقذ نفسه من الـقتل وهو غيرُ شارحٍ صَدْرَهُ بل يَكْرَهُ تلك الكلـمة. هذا الذِى يُشترط للحكم عليه بالكفر أن يكون شارحًا صدره بالكفر أما غيره لا يشترط فيه أن يكون شارحًا صدره. غيرُ الـمُكْرَهِ إن كان شارحًا صدره وإن كان غيرَ شارحٍ صدره كَفَرَ.
الـقرءان الكريم يقول: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ2 واليومَ بعض الناس ممن يدَّعون العلـم يقولون كيفما تكلـم الإنسان بالكفر ما لـم يقصدِ الـخروج من الإسلام إلى دينٍ غيرِهِ لا يكفرُ وما لـم يشرحْ صَدْرَهُ. منهم حسن قاطرجى. جماعتنا ردوا عليه بعد ذلك سكت. وطُلِبَ للـمناظرة. هذا جميلٌ طَلَبَهُ للـمناظرة ما وافق لكن بعد ذلك سكت هل غير اعتقاده أم لا. الله أعلـم. ويوجد مثل هذا. الـقَرَضاوىُّ هذا من أولئك. يقول لا يكفر الإنسان مهما تكلـم بكلام الكفر ما لـم يكن شارحًا صدره وناويًا الـخروج من الإسلام.
هؤلاء يقولون الـمكره وغير الـمكره لا يكفر ما لـم يشرح صدره بكلـمة الكفر عَطَّلُوا هذه الآيةَ: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ﴾ هؤلاء ألغَوْا ءايةً قرءانيةً ويكفيهم كفرًا.
وأيضًا رجلٌ كان يتكلـم فِى إذاعة سورية قال الـمرأة متى ما تطيبت وخرجت فهى زانية مهما كانت نيتها إن كانت نيتها أن تفتن الرجال أو أن تفرح بنفسها هذه زانية، وقال أيضا هذه الكلـمة أن الإنسان إذا تكلـم بكلـمة الكفر لا يـخرج من الإسلام إلا أن يقصد الـخروج من الإسلام. احذروا هؤلاء وأمثالـهم.
انتهى والله تعالى أعلـم.
------------------

1- رواه ابن حبان في صحيحه باب ذكر الاستحباب للمرء أن يكون له من كل عير حظّ رجاء التخلص من العقبى بشئ منها.
2- سورة النحل/ الآية (106).


جامع الخيرات
الجزء الثاني

قائمة جامع الخيرات 2